متن عربی نامه عمر به معاویه-------متن فارسی آن-------
بحارالانوار، ج30، ص 287
حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَیْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُکْبَرِیُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِیٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِکٍ الْفَزَارِیُّ الْکُوفِیُّ، قَالَ: حَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِنَانٍ الصَّیْرَفِیُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ الْحُوَارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْکَانَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِیِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ وَرَدَ نَعْیُهُ إِلَى الْمَدِینَةِ، وَ وَرَدَ الْأَخْبَارُ بِجَزِّ رَأْسِهِ وَ حَمْلِهِ إِلَى یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ، وَ قَتْلِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ، وَ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِینَ رَجُلًا مِنْ شِیعَتِهِ، وَ قَتْلِ عَلِیٍّ ابْنِهِ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ طِفْلٌ بِنُشَّابَةٍ، وَ سَبْیِ ذَرَارِیِّهِ أُقِیمَتِ الْمَآتِمُ عِنْدَ أَزْوَاجِ النَّبِیِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا، وَ فِی دُورِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَارِخاً مِنْ دَارِهِ لَاطِماً وَجْهَهُ شَاقّاً جَیْبَهُ یَقُولُ: یَا مَعْشَرَ بَنِی هَاشِمٍ وَ قُرَیْشٍ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ! یُسْتَحَلُّ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِی أَهْلِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ أَنْتُمْ أَحْیَاءٌ تُرْزَقُونَ؟! لَا قَرَارَ دُونَ یَزِیدَ، وَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ تَحْتَ لَیْلِهِ، لَا یَرِدُ مَدِینَةً إِلَّا صَرَخَ فِیهَا وَ اسْتَنْفَرَ أَهْلَهَا عَلَى یَزِیدَ، وَ أَخْبَارُهُ یُکْتَبُ بِهَا إِلَى یَزِیدَ، فَلَمْ یَمُرَّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا لَعَنَهُ وَ سَمِعَ کَلَامَهُ، وَ قَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ابْنُ خَلِیفَةِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ هُوَ یُنْکِرُ فِعْلَ یَزِیدَ بِأَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ یَسْتَنْفِرُ النَّاسَ عَلَى یَزِیدَ، وَ إِنَّ مَنْ لَمْ یُجِبْهُ لَا دِینَ لَهُ وَ لَا إِسْلَامَ، وَ اضْطَرَبَ الشَّامُ بِمَنْ فِیهِ، وَ وَرَدَ دِمَشْقَ وَ أَتَى بَابَ اللَّعِینِ یَزِیدَ فِی خَلْقٍ مِنَ النَّاسِ یَتْلُونَهُ، فَدَخَلَ آذِنُ
بحارالانوار، ج30، ص 288
یَزِیدَ إِلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ بِوُرُودِهِ وَ یَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ النَّاسُ یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ قُدَّامَهُ وَ وَرَاءَهُ، فَقَالَ یَزِیدُ: فَوْرَةٌ مِنْ فَوْرَاتِ أَبِی مُحَمَّدٍ، وَ عَنْ قَلِیلٍ یُفِیقُ مِنْهَا، فَأَذِنَ لَهُ وَحْدَهُ فَدَخَلَ صَارِخاً یَقُولُ: لَا أَدْخُلُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! وَ قَدْ فَعَلْتَ بِأَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَا لَوْ تَمَکَّنَتِ التُّرْکُ وَ الرُّومُ مَا اسْتَحَلُّوا مَا اسْتَحْلَلْتَ، وَ لَا فَعَلُوا مَا فَعَلْتَ، قُمْ عَنْ هَذَا الْبِسَاطِ حَتَّى یَخْتَارَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْکَ، فَرَحَّبَ بِهِ یَزِیدُ وَ تَطَاوَلَ لَهُ وَ ضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! اسْکُنْ مِنْ فَوْرَتِکَ، وَ اعْقِلْ، وَ انْظُرْ بِعَیْنِکَ وَ اسْمَعْ بِأُذُنِکَ، مَا تَقُولُ فِی أَبِیکَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَ کَانَ هَادِیاً مَهْدِیّاً خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ نَاصِرَهُ وَ مُصَاهِرَهُ بِأُخْتِکَ حَفْصَةَ، وَ الَّذِی قَالَ: لَا یُعْبَدُ اللَّهُ سِرّاً؟!.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هُوَ کَمَا وَصَفْتَ، فَأَیَّ شَیْءٍ تَقُولُ فِیهِ؟.
قَالَ: أَبُوکَ قَلَّدَ أَبِی أَمْرَ الشَّامِ أَمْ أَبِی قَلَّدَ أَبَاکَ خِلَافَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص)؟.
فَقَالَ: أَبِی قَلَّدَ أَبَاکَ الشَّامَ.
قَالَ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَ فَتَرْضَى بِهِ وَ بِعَهْدِهِ إِلَى أَبِی أَوْ مَا تَرْضَاهُ؟.
قَالَ: بَلْ أَرْضَى.
قَالَ: أَ فَتَرْضَى بِأَبِیکَ؟.
قَالَ: نَعَمْ، فَضَرَبَ یَزِیدُ بِیَدِهِ عَلَى یَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَالَ لَهُ: قُمْ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ حَتَّى تَقْرَأَ، فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى وَرَدَ خِزَانَةً مِنْ خَزَائِنِهِ، فَدَخَلَهَا وَ دَعَا بِصُنْدُوقٍ فَفَتَحَهُ وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ تَابُوتاً مُقَفَّلًا مَخْتُوماً فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ طُومَاراً لَطِیفاً فِی خِرْقَةِ حَرِیرٍ سَوْدَاءَ، فَأَخَذَ الطُّومَارَ بِیَدِهِ وَ نَشَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! هَذَا خَطُّ أَبِیکَ؟. قَالَ:
إِی وَ اللَّهِ.. فَأَخَذَهُ مِنْ یَدِهِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ، فَقَرَأَهُ ابْنُ عُمَرَ، فَإِذَا فِیهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِنَّ الَّذِی أَکْرَهَنَا بِالسَّیْفِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَأَقْرَرْنَا، وَ الصُّدُورُ وَغْرَةٌ، وَ الْأَنْفُسُ وَاجِفَةٌ، وَ النِّیَّاتُ وَ الْبَصَائِرُ شَائِکَةٌ مِمَّا کَانَتْ عَلَیْهِ مِنْ
بحارالانوار، ج30، ص 289
جَحْدِنَا مَا دَعَانَا إِلَیْهِ وَ أَطَعْنَاهُ فِیهِ رَفْعاً لِسُیُوفِهِ عَنَّا، وَ تَکَاثُرِهِ بِالْحَیِّ عَلَیْنَا مِنَ الْیَمَنِ، وَ تَعَاضُدِ مَنْ سَمِعَ بِهِ مِمَّنْ تَرَکَ دِینَهُ وَ مَا کَانَ عَلَیْهِ آبَاؤُهُ فِی قُرَیْشٍ، فَبِهُبَلَ أُقْسِمُ وَ الْأَصْنَامِ وَ الْأَوْثَانِ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى مَا جَحَدَهَا عُمَرُ مُذْ عَبَدَهَا! وَ لَا عَبَدَ لِلْکَعْبَةِ رَبّاً! وَ لَا صَدَّقَ لِمُحَمَّدٍ قَوْلًا، وَ لَا أَلْقَى السَّلَامَ إِلَّا لِلْحِیلَةِ عَلَیْهِ وَ إِیقَاعِ الْبَطْشِ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانَا بِسِحْرٍ عَظِیمٍ، وَ زَادَ فِی سِحْرِهِ عَلَى سِحْرِ بَنِی إِسْرَائِیلَ مَعَ مُوسَى وَ هَارُونَ وَ دَاوُدَ وَ سُلَیْمَانَ وَ ابْنِ أُمِّهِ عِیسَى، وَ لَقَدْ أَتَانَا بِکُلِّ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ السِّحْرِ وَ زَادَ عَلَیْهِمْ مَا لَوْ أَنَّهُمْ شَهِدُوهُ لَأَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُ سَیِّدُ السَّحَرَةِ، فَخُذْ یَا ابْنَ أَبِی سُفْیَانَ سُنَّةَ قَوْمِکَ وَ اتِّبَاعَ مِلَّتِکَ وَ الْوَفَاءَ بِمَا کَانَ عَلَیْهِ سَلَفُکَ مِنْ جَحْدِ هَذِهِ الْبَنِیَّةِ الَّتِی یَقُولُونَ إِنَّ لَهَا رَبّاً أَمَرَهُمْ بِإِتْیَانِهَا وَ السَّعْیِ حَوْلَهَا وَ جَعَلَهَا لَهُمْ قِبْلَةً فَأَقَرُّوا بِالصَّلَاةِ وَ الْحَجِّ الَّذِی جَعَلُوهُ رُکْناً، وَ زَعَمُوا أَنَّهُ لِلَّهِ اخْتَلَقُوا، فَکَانَ مِمَّنْ أَعَانَ مُحَمَّداً مِنْهُمْ هَذَا الْفَارِسِیُّ الطمطانی [الطُّمْطُمَانِیُ]: رُوزْبِهُ، وَ قَالُوا إِنَّهُ أُوحِیَ إِلَیْهِ: إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبارَکاً وَ هُدىً لِلْعالَمِینَ، وَ قَوْلُهُمْ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِکَ فِی السَّماءِ فَلَنُوَلِّیَنَّکَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَکَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَیْثُ ما کُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَکُمْ شَطْرَهُ، وَ جَعَلُوا صَلَاتَهُمْ لِلْحِجَارَةِ، فَمَا الَّذِی أَنْکَرَهُ عَلَیْنَا لَوْ لَا سِحْرُهُ مِنْ عِبَادَتِنَا لِلْأَصْنَامِ وَ الْأَوْثَانِ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى وَ هِیَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَ الْخَشَبِ وَ النُّحَاسِ وَ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ، لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى مَا وَجَدْنَا سَبَباً لِلْخُرُوجِ عَمَّا عِنْدَنَا وَ إِنْ سَحَرُوا وَ مَوَّهُوا، فَانْظُرْ بِعَیْنٍ مُبْصِرَةٍ، وَ اسْمَعْ بِأُذُنٍ وَاعِیَةٍ، وَ تَأَمَّلْ بِقَلْبِکَ وَ عَقْلِکَ مَا هُمْ فِیهِ، وَ اشْکُرِ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ اسْتِخْلَافَ السَّیِّدِ الرَّشِیدِ عَتِیقِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ تَحَکُّمَهُ فِی أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ وَ شَرِیعَتِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ، وَ جِبَایَاتِ الْحُقُوقِ الَّتِی زَعَمُوا أَنَّهُمْ
بحارالانوار، ج30، ص 290
یَجْبُونَهَا لِرَبِّهِمْ لِیُقِیمُوا بِهَا أَنْصَارَهُمْ وَ أَعْوَانَهُمْ، فَعَاشَ شَدِیداً رَشِیداً یَخْضَعُ جَهْراً وَ یَشْتَدُّ سِرّاً، وَ لَا یَجِدُ حِیلَةً غَیْرَ مُعَاشَرَةِ الْقَوْمِ، وَ لَقَدْ وَثَبْتُ وَثْبَةً عَلَى شِهَابِ بَنِی هَاشِمٍ الثَّاقِبِ، وَ قَرْنِهَا الزَّاهِرِ، وَ عَلَمِهَا النَّاصِرِ، وَ عِدَّتِهَا وَ عُدَدِهَا الْمُسَمَّى بِحَیْدَرَةَ الْمُصَاهِرِ لِمُحَمَّدٍ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِی جَعَلُوهَا سَیِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ یُسَمُّونَهَا: فَاطِمَةَ، حَتَّى أَتَیْتُ دَارَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ ابْنَیْهِمَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ ابْنَتَیْهِمَا زَیْنَبَ وَ أُمِّ کُلْثُومٍ، وَ الْأَمَةِ الْمَدْعُوَّةِ بِفِضَّةَ، وَ مَعِی خَالِدُ بْنُ وَلِیدٍ وَ قُنْفُذٌ مَوْلَى أَبِی بَکْرٍ وَ مَنْ صَحِبَ مِنْ خَواصِّنَا، فَقَرَعْتُ الْبَابَ عَلَیْهِمْ قَرْعاً شَدِیداً، فَأَجَابَتْنِی الْأَمَةُ، فَقُلْتُ لَهَا: قُولِی لِعَلِیٍّ: دَعِ الْأَبَاطِیلَ وَ لَا تَلِجْ نَفْسَکَ إِلَى طَمَعِ الْخِلَافَةِ، فَلَیْسَ الْأَمْرُ لَکَ، الْأَمْرُ لِمَنِ اخْتَارَهُ الْمُسْلِمُونَ وَ اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ، وَ رَبِّ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَوْ کَانَ الْأَمْرُ وَ الرَّأْیُ لِأَبِی بَکْرٍ لَفَشِلَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى مَا وَصَلَ إِلَیْهِ مِنْ خِلَافَةِ ابْنِ أَبِی کَبْشَةَ، لَکِنِّی أَبْدَیْتُ لَهَا صَفْحَتِی، وَ أَظْهَرْتُ لَهَا بَصَرِی، وَ قُلْتُ لِلْحَیَّیْنِ نِزَارٍ وَ قَحْطَانَ بَعْدَ أَنْ قُلْتُ لَهُمْ لَیْسَ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِی قُرَیْشٍ، فَأَطِیعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ، وَ إِنَّمَا قُلْتُ ذَلِکَ لِمَا سَبَقَ مِنِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ مِنْ وُثُوبِهِ وَ اسْتِیثَارِهِ بِالدِّمَاءِ الَّتِی سَفَکَهَا فِی غَزَوَاتِ مُحَمَّدٍ وَ قَضَاءِ دُیُونِهِ، وَ هِیَ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ إِنْجَازِ عِدَاتِهِ، وَ جَمْعِ الْقُرْآنِ، فَقَضَاهَا عَلَى تَلِیدِهِ وَ طَارِفِهِ، وَ قَوْلِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ لَمَّا قُلْتُ إِنَّ الْإِمَامَةَ فِی قُرَیْشٍ قَالُوا: هُوَ الْأَصْلَعُ الْبَطِینُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الَّذِی أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) الْبَیْعَةَ لَهُ عَلَى أَهْلِ مِلَّتِهِ، وَ سَلَّمْنَا لَهُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ، فَإِنْ کُنْتُمْ نَسِیتُمُوهَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ فَمَا نَسِینَاهَا وَ لَیْسَتِ الْبَیْعَةُ وَ لَا الْإِمَامَةُ وَ الْخِلَافَةُ وَ الْوَصِیَّةُ إِلَّا حَقّاً مَفْرُوضاً، وَ أَمْراً صَحِیحاً، لَا تَبَرُّعاً وَ لَا ادِّعَاءً فَکَذَّبْنَاهُمْ، وَ أَقَمْتُ أَرْبَعِینَ رَجُلًا شَهِدُوا عَلَى مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَةَ بِالاخْتِیَارِ.
فَعِنْدَ ذَلِکَ قَالَ الْأَنْصَارُ: نَحْنُ أَحَقُّ مِنْ قُرَیْشٍ، لِأَنَّا آوَیْنَا وَ نَصَرْنَا وَ هَاجَرَ
بحارالانوار، ج30، ص 291
النَّاسُ إِلَیْنَا، فَإِذَا کَانَ دَفْعُ مَنْ کَانَ الْأَمْرُ لَهُ فَلَیْسَ هَذَا الْأَمْرُ لَکُمْ دُونَنَا، وَ قَالَ قَوْمٌ: مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْکُمْ أَمِیرٌ. قُلْنَا لَهُمْ: قَدْ شَهِدُوا أَرْبَعُونَ رَجُلًا أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَیْشٍ، فَقَبِلَ قَوْمٌ وَ أَنْکَرَ آخَرُونَ وَ تَنَازَعُوا، فَقُلْتُ وَ الْجَمْعُ یَسْمَعُونَ: أَلَا أَکْبَرُنَا سِنّاً وَ أَکْثَرُنَا لِیناً. قَالُوا: فَمَنْ تَقُولُ؟. قُلْتُ: أَبُو بَکْرٍ الَّذِی قَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِی الصَّلَاةِ، وَ جَلَسَ مَعَهُ فِی الْعَرِیشِ یَوْمَ بَدْرٍ یُشَاوِرُهُ وَ یَأْخُذُ بِرَأْیِهِ، وَ کَانَ صَاحِبَهُ فِی الْغَارِ، وَ زَوْجَ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ الَّتِی سَمَّاهَا: أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ، فَأَقْبَلَ بَنُو هَاشِمٍ یَتَمَیَّزُونَ غَیْظاً، وَ عَاضَدَهُمُ الزُّبَیْرُ وَ سَیْفُهُ مَشْهُورٌ وَ قَالَ: لَا یُبَایَعُ إِلَّا عَلِیٌّ أَوْ لَا أَمْلِکُ رَقَبَةَ قَائِمَةِ سَیْفِی هَذَا، فَقُلْتُ: یَا زُبَیْرُ! صَرَخَتْکَ سَکَنٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ، أُمُّکَ صَفِیَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: ذَلِکَ وَ اللَّهِ الشَّرَفُ الْبَاذِخُ وَ الْفَخْرُ الْفَاخِرُ، یَا ابْنَ حَنْتَمَةَ وَ یَا ابْنَ صُهَاکَ! اسْکُتْ لَا أُمَّ لَکَ، فَقَالَ قَوْلًا فَوَثَبَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ سَقِیفَةَ بَنِی سَاعِدَةَ عَلَى الزُّبَیْرِ، فَوَ اللَّهِ مَا قَدَرْنَا عَلَى أَخْذِ سَیْفِهِ مِنْ یَدِهِ حَتَّى وَسَّدْنَاهُ الْأَرْضَ، وَ لَمْ نَرَ لَهُ عَلَیْنَا نَاصِراً، فَوَثَبْتُ إِلَى أَبِی بَکْرٍ فَصَافَحْتُهُ وَ عَاقَدْتُهُ الْبَیْعَةَ وَ تَلَانِی عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ سَائِرُ مَنْ حَضَرَ غَیْرَ الزُّبَیْرِ، وَ قُلْنَا لَهُ: بَایِعْ أَوْ نَقْتُلَکَ، ثُمَّ کَفَفْتُ عَنْهُ النَّاسَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمْهِلُوهُ، فَمَا غَضِبَ إِلَّا نَخْوَةً لِبَنِی هَاشِمٍ، وَ أَخَذْتُ أَبَا بَکْرٍ بِیَدِهِ فَأَقَمْتُهُ وَ هُوَ یَرْتَعِدُ قَدِ اخْتَلَطَ عَقْلُهُ، فَأَزْعَجْتُهُ إِلَى مِنْبَرِ مُحَمَّدٍ إِزْعَاجاً، فَقَالَ لِی: یَا أَبَا حَفْصٍ! أَخَافُ وَثْبَةَ عَلِیٍّ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَلِیّاً عَنْکَ مَشْغُولٌ، وَ أَعَانَنِی عَلَى ذَلِکَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ کَانَ یَمُدُّهُ بِیَدِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَ أَنَا أُزْعِجُهُ مِنْ وَرَائِهِ کَالتَّیْسِ إِلَى شِفَارِ الْجَاذِرِ، مُتَهَوِّناً، فَقَامَ عَلَیْهِ
بحارالانوار، ج30، ص 292
مَدْهُوشاً، فَقُلْتُ لَهُ: اخْطُبْ! فَأُغْلِقَ عَلَیْهِ وَ تَثَبَّتَ فَدَهِشَ، وَ تَلَجْلَجَ وَ غَمَّضَ، فَعَضَضْتُ عَلَى کَفِّی غَیْظاً، وَ قُلْتُ لَهُ: قُلْ مَا سَنَحَ لَکَ، فَلَمْ یَأْتِ خَیْراً وَ لَا مَعْرُوفاً، فَأَرَدْتُ أَنْ أُحِطَّهُ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ أَقُومَ مَقَامَهُ، فَکَرِهْتُ تَکْذِیبَ النَّاسِ لِی بِمَا قُلْتُ فِیهِ، وَ قَدْ سَأَلَنِی الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ: کَیْفَ قُلْتَ مِنْ فَضْلِهِ مَا قُلْتَ؟ مَا الَّذِی سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِی أَبِی بَکْرٍ؟ فَقُلْتُ: لَهُمْ: قَدْ قُلْتُ:
سَمِعْتُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ مَا لو وددت [لَوَدِدْتُ] أَنِّی شَعْرَةٌ فِی صَدْرِهِ وَ لِی حِکَایَةٌ، فَقُلْتُ: قُلْ وَ إِلَّا فَانْزِلْ، فَتَبَیَّنَهَا وَ اللَّهِ فِی وَجْهِی وَ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَرَقِیتُ، وَ قُلْتُ مَا لَا یَهْتَدِی إِلَى قَوْلِهِ، فَقَالَ بِصَوْتٍ ضَعِیفٍ عَلِیلٍ: وَلِیتُکُمْ وَ لَسْتُ بِخَیْرِکُمْ وَ عَلِیٌّ فِیکُمْ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ لِی شَیْطَاناً یَعْتَرِینِی وَ مَا أَرَادَ بِهِ سِوَایَ فَإِذَا زَلَلْتُ فَقَوِّمُونِی لَا أَقَعْ فِی شُعُورِکُمْ وَ أَبْشَارِکُمْ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَکُمْ، وَ نَزَلَ فَأَخَذْتُ بِیَدِهِ وَ أَعْیَنُ النَّاسِ تَرْمُقُهُ وَ غَمَزْتُ یَدَهُ غَمْزاً، ثُمَّ أَجْلَسْتُهُ وَ قَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى بَیْعَتِهِ وَ صُحْبَتِهِ لِأُرْهِبَهُ، وَ کُلَّ مَنْ یُنْکِرُ بَیْعَتَهُ وَ یَقُولُ: مَا فَعَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ؟ فَأَقُولُ: خَلَعَهَا مِنْ عُنُقِهِ وَ جَعَلَهَا طَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ قِلَّةَ خِلَافٍ عَلَیْهِمْ فِی اخْتِیَارِهِمْ، فَصَارَ جَلِیسَ بَیْتِهِ، فَبَایَعُوا وَ هُمْ کَارِهُونَ، فَلَمَّا فَشَتْ بَیْعَتُهُ عَلِمْنَا أَنَّ عَلِیّاً یَحْمِلُ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ إِلَى دُورِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ یُذَکِّرُهُمْ بَیْعَتَهُ عَلَیْنَا فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ،
بحارالانوار، ج30، ص 293
وَ یَسْتَنْفِرُهُمْ فَیَعِدُونَهُ النُّصْرَةَ لَیْلًا وَ یَقْعُدُونَ عَنْهُ نَهَاراً، فَأَتَیْتُ دَارَهُ مُسْتَیْشِراً لِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَمَةُ فِضَّةُ وَ قَدْ قُلْتُ لَهَا قُولِی لِعَلِیٍّ: یَخْرُجْ إِلَى بَیْعَةِ أَبِی بَکْرٍ فَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَتْ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (ع) مَشْغُولٌ، فَقُلْتُ: خَلِّی عَنْکِ هَذَا وَ قُولِی لَهُ یَخْرُجْ وَ إِلَّا دَخَلْنَا عَلَیْهِ وَ أَخْرَجْنَاهُ کَرْهاً، فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ فَوَقَفَتْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَقَالَتْ: أَیُّهَا الضَّالُّونَ الْمُکَذِّبُونَ! مَا ذَا تَقُولُونَ؟ وَ أَیَّ شَیْءٍ تُرِیدُونَ؟. فَقُلْتُ: یَا فَاطِمَةُ!. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا تَشَاءُ یَا عُمَرُ؟!. فَقُلْتُ: مَا بَالُ ابْنِ عَمِّکِ قَدْ أَوْرَدَکِ لِلْجَوَابِ وَ جَلَسَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ؟. فَقَالَتْ لِی:
طُغْیَانُکَ یَا شَقِیُّ أَخْرَجَنِی وَ أَلْزَمَکَ الْحُجَّةَ، وَ کُلَّ ضَالٍّ غَوِیٍّ. فَقُلْتُ: دَعِی عَنْکِ الْأَبَاطِیلَ وَ أَسَاطِیرَ النِّسَاءِ وَ قُولِی لِعَلِیٍّ یَخْرُجْ. فَقَالَتْ: لَا حُبَّ وَ لَا کَرَامَةَ أَ بِحِزْبِ الشَّیْطَانِ تُخَوِّفُنِی یَا عُمَرُ؟! وَ کَانَ حِزْبُ الشَّیْطَانِ ضَعِیفاً. فَقُلْتُ: إِنْ لَمْ یَخْرُجْ جِئْتُ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ وَ أَضْرَمْتُهَا نَاراً عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ وَ أُحْرِقُ مَنْ فِیهِ، أَوْ یُقَادَ عَلِیٌّ إِلَى الْبَیْعَةِ، وَ أَخَذْتُ سَوْطَ قُنْفُذٍ فَضَرَبْتُ وَ قُلْتُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ:
أَنْتَ وَ رِجَالُنَا هَلُمُّوا فِی جَمْعِ الْحَطَبِ، فَقُلْتُ: إِنِّی مُضْرِمُهَا.
فَقَالَتْ: یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّ رَسُولِهِ وَ عَدُوَّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ، فَضَرَبَتْ فَاطِمَةُ یَدَیْهَا مِنَ الْبَابِ تَمْنَعُنِی مِنْ فَتْحِهِ فَرُمْتُهُ فَتَصَعَّبَ عَلَیَّ فَضَرَبْتُ کَفَّیْهَا بِالسَّوْطِ فَأَلَّمَهَا، فَسَمِعْتُ لَهَا زَفِیراً وَ بُکَاءً، فَکِدْتُ أَنْ أَلِینَ وَ أَنْقَلِبَ عَنِ الْبَابِ فَذَکَرْتُ أَحْقَادَ
بحارالانوار، ج30، ص 294
عَلِیٍّ وَ وُلُوعَهُ فِی دِمَاءِ صَنَادِیدِ الْعَرَبِ، وَ کَیْدَ مُحَمَّدٍ وَ سِحْرَهُ، فَرَکَلْتُ الْبَابَ وَ قَدْ أَلْصَقَتْ أَحْشَاءَهَا بِالْبَابِ تَتْرُسُهُ، وَ سَمِعْتُهَا وَ قَدْ صَرَخَتْ صَرْخَةً حَسِبْتُهَا قَدْ جَعَلَتْ أَعْلَى الْمَدِینَةِ أَسْفَلَهَا، وَ قَالَتْ: یَا أَبَتَاهْ! یَا رَسُولَ اللَّهِ! هَکَذَا کَانَ یُفْعَلُ بِحَبِیبَتِکَ وَ ابْنَتِکَ، آهِ یَا فِضَّةُ! إِلَیْکِ فَخُذِینِی فَقَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ مَا فِی أَحْشَائِی مِنْ حَمْلٍ، وَ سَمِعْتُهَا تَمْخَضُ وَ هِیَ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْجِدَارِ، فَدَفَعْتُ الْبَابَ وَ دَخَلْتُ فَأَقْبَلَتْ إِلَیَّ بِوَجْهٍ أَغْشَى بَصَرِی، فَصَفَقْتُ صَفْقَةً عَلَى خَدَّیْهَا مِنْ ظَاهِرِ الْخِمَارِ فَانْقَطَعَ قُرْطُهَا وَ تَنَاثَرَتْ إِلَى الْأَرْضِ، وَ خَرَجَ عَلِیٌّ، فَلَمَّا أَحْسَسْتُ بِهِ أَسْرَعْتُ إِلَى خَارِجِ الدَّارِ وَ قُلْتُ لِخَالِدٍ وَ قُنْفُذٍ وَ مَنْ مَعَهُمَا: نَجَوْتُ مِنْ أَمْرٍ عَظِیمٍ.
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَى: قَدْ جَنَیْتُ جِنَایَةً عَظِیمَةً لَا آمَنُ عَلَى نَفْسِی. وَ هَذَا عَلِیٌّ قَدْ بَرَزَ مِنَ الْبَیْتِ وَ مَا لِی وَ لَکُمْ جَمِیعاً بِهِ طَاقَةٌ. فَخَرَجَ عَلِیٌّ وَ قَدْ ضَرَبَتْ یَدَیْهَا إِلَى نَاصِیَتِهَا لِتَکْشِفَ عَنْهَا وَ تَسْتَغِیثَ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ مَا نَزَلَ بِهَا، فَأَسْبَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهَا مُلَاءَتَهَا وَ قَالَ لَهَا: یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَبَاکِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ، وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ کَشَفْتِ عَنْ نَاصِیَتِکِ سَائِلَةً إِلَى رَبِّکِ لِیُهْلِکَ هَذَا الْخَلْقَ لَأَجَابَکِ حَتَّى لَا یُبْقِیَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ بَشَراً، لِأَنَّکِ وَ أَبَاکِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ نُوحٍ (ع) الَّذِی غَرَّقَ مِنْ أَجْلِهِ بِالطُّوفَانِ جَمِیعَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا مَنْ کَانَ فِی السَّفِینَةِ، وَ أَهْلَکَ قَوْمَ هُودٍ بِتَکْذِیبِهِمْ لَهُ، وَ أَهْلَکَ عَاداً بِرِیحٍ صَرْصَرٍ، وَ أَنْتِ وَ أَبُوکِ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ هُودٍ، وَ عَذَّبَ ثَمُودَ وَ هِیَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً بِعَقْرِ النَّاقَةِ وَ الْفَصِیلِ، فَکُونِی یَا سَیِّدَةَ النِّسَاءِ رَحْمَةً عَلَى هَذَا الْخَلْقِ الْمَنْکُوسِ وَ لَا تَکُونِی عَذَاباً، وَ اشْتَدَّ بِهَا الْمَخَاضُ وَ دَخَلَتِ الْبَیْتَ فَأَسْقَطَتْ سِقْطاً سَمَّاهُ عَلِیٌّ: مُحَسِّناً، وَ جَمَعْتُ جَمْعاً کَثِیراً، لَا مُکَاثَرَةً لِعَلِیٍّ وَ لَکِنْ لِیَشُدَّ بِهِمْ قَلْبِی وَ جِئْتُ وَ هُوَ مُحَاصَرٌ فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ دَارِهِ
بحارالانوار، ج30، ص 295
مُکْرَهاً مَغْصُوباً وَ سُقْتُهُ إِلَى الْبَیْعَةِ سَوْقاً، وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ عِلْماً یَقِیناً لَا شَکَّ فِیهِ لَوِ اجْتَهَدْتُ أَنَا وَ جَمِیعُ مَنْ عَلَى الْأَرْضِ جَمِیعاً عَلَى قَهْرِهِ مَا قَهَرْنَاهُ، وَ لَکِنْ لِهَنَاتٍ کَانَتْ فِی نَفْسِهِ أَعْلَمُهَا وَ لَا أَقُولُهَا، فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَى سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ قَامَ أَبُو بَکْرٍ وَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ یَسْتَهْزِءُونَ بِعَلِیٍّ، فَقَالَ عَلِیٌّ: یَا عُمَرُ! أَ تُحِبُّ أَنْ أُعَجِّلَ لَکَ مَا أَخَّرْتُهُ سَوَاءً عَنْکَ؟ فَقُلْتُ: لَا، یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَسَمِعَنِی وَ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ، فَأَسْرَعَ إِلَى أَبِی بَکْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَکْرٍ: مَا لِی وَ لِعُمَرَ.. ثَلَاثاً، وَ النَّاسُ یَسْمَعُونَ، وَ لَمَّا دَخَلَ السَّقِیفَةَ صَبَا أَبُو بَکْرٍ إِلَیْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ بَایَعْتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ! فَانْصَرِفْ، فَأَشْهَدُ مَا بَایَعَهُ وَ لَا مَدَّ یَدَهُ إِلَیْهِ، وَ کَرِهْتُ أَنْ أُطَالِبَهُ بِالْبَیْعَةِ فَیُعَجِّلَ لِی مَا أَخَّرَهُ عَنِّی، وَ وَدَّ أَبُو بَکْرٍ أَنَّهُ لَمْ یَرَ عَلِیّاً فِی ذَلِکَ الْمَکَانِ جَزَعاً وَ خَوْفاً مِنْهُ، وَ رَجَعَ عَلِیٌّ مِنَ السَّقِیفَةِ وَ سَأَلْنَا عَنْهُ، فَقَالُوا: مَضَى إِلَى قَبْرِ مُحَمَّدٍ فَجَلَسَ إِلَیْهِ، فَقُمْتُ أَنَا وَ أَبُو بَکْرٍ إِلَیْهِ، وَ جِئْنَا نَسْعَى وَ أَبُو بَکْرٍ یَقُولُ: وَیْلَکَ یَا عُمَرُ! مَا الَّذِی صَنَعْتَ بِفَاطِمَةَ، هَذَا وَ اللَّهِ الْخُسْرَانُ الْمُبِینُ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَعْظَمَ مَا عَلَیْکَ أَنَّهُ مَا بَایَعَنَا وَ لَا أَثِقُ أَنْ تَتَثَاقَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ. فَقَالَ: فَمَا تَصْنَعُ؟. فَقُلْتُ: تُظْهِرُ أَنَّهُ قَدْ بَایَعَکَ عِنْدَ قَبْرِ مُحَمَّدٍ، فَأَتَیْنَاهُ وَ قَدْ جَعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً، مُسْنِداً کَفَّهُ عَلَى تُرْبَتِهِ وَ حَوْلَهُ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ، فَجَلَسْنَا بِإِزَائِهِ وَ أَوْعَزْتُ إِلَى أَبِی بَکْرٍ أَنْ یَضَعَ یَدَهُ عَلَى مِثْلِ مَا وَضَعَ عَلِیٌّ یَدَهُ وَ یُقَرِّبَهَا مِنْ یَدِهِ، فَفَعَلَ ذَلِکَ وَ أَخَذْتُ بِیَدِ أَبِی بَکْرٍ لِأَمْسَحَهَا عَلَى یَدِهِ، وَ أَقُولَ قَدْ بَایَعَ، فَقَبَضَ عَلِیٌّ یَدَهُ فَقُمْتُ أَنَا وَ أَبُو بَکْرٍ مُوَلِّیاً، وَ أَنَا أَقُولُ: جَزَى اللَّهُ عَلِیّاً خَیْراً فَإِنَّهُ لَمْ یَمْنَعْکَ الْبَیْعَةَ لَمَّا حَضَرْتَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ
بحارالانوار، ج30، ص 296
(ص)، فَوَثَبَ مِنْ دُونِ الْجَمَاعَةِ أَبُو ذَرٍّ جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ الْغِفَارِیُّ وَ هُوَ یَصِیحُ وَ یَقُولُ: وَ اللَّهِ یَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا بَایَعَ عَلِیٌّ عَتِیقاً، وَ لَمْ یَزَلْ کُلَّمَا لَقِینَا قَوْماً وَ أَقْبَلْنَا عَلَى قَوْمٍ نُخْبِرُهُمْ بِبَیْعَتِهِ وَ أَبُو ذَرٍّ یُکَذِّبُنَا، وَ اللَّهِ مَا بَایَعَنَا فِی خِلَافَةِ أَبِی بَکْرٍ وَ لَا فِی خِلَافَتِی وَ لَا یُبَایِعُ لِمَنْ بَعْدِی وَ لَا بَایَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا لَا لِأَبِی بَکْرٍ وَ لَا لِی، فَمَنْ فَعَلَ یَا مُعَاوِیَةُ فِعْلِی وَ اسْتَشَارَ أَحْقَادَهُ السَّالِفَةَ غَیْرِی؟!.
وَ أَمَّا أَنْتَ وَ أَبُوکَ أَبُو سُفْیَانَ وَ أَخُوکَ عُتْبَةُ فَأَعْرِفُ مَا کَانَ مِنْکُمْ فِی تَکْذِیبِ مُحَمَّدٍ (ص) وَ کَیْدِهِ، وَ إِدَارَةِ الدَّوَائِرِ بِمَکَّةَ وَ طَلِبَتِهِ فِی جَبَلِ حرى [حِرَاءٍ] لِقَتْلِهِ، وَ تَأَلُّفِ الْأَحْزَابِ وَ جَمْعِهِمْ عَلَیْهِ، وَ رُکُوبَ أَبِیکَ الْجَمَلَ وَ قَدْ قَادَ الْأَحْزَابَ، وَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ:
لَعَنَ اللَّهُ الرَّاکِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ، وَ کَانَ أَبُوکَ الرَّاکِبَ وَ أَخُوکَ عُتْبَةُ الْقَائِدَ وَ أَنْتَ السَّائِقَ، وَ لَمْ أَنْسَ أُمَّکَ هِنْداً وَ قَدْ بَذَلَتْ لِوَحْشِیٍّ مَا بَذَلَتْ حَتَّى تَکَمَّنَ لِحَمْزَةَ الَّذِی دَعَوْهُ أَسَدَ الرَّحْمَنِ فِی أَرْضِهِ وَ طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ، فَفَلَقَ فُؤَادَهُ وَ شَقَّ عَنْهُ وَ أَخَذَ کَبِدَهُ فَحَمَلَهُ إِلَى أُمِّکَ، فَزَعَمَ مُحَمَّدٌ بِسِحْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَتْهُ فَاهَا لِتَأْکُلَهُ صَارَ جُلْمُوداً فَلَفَظَتْهُ مِنْ فِیهَا، فَسَمَّاهَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ: آکِلَةَ الْأَکْبَادِ، وَ قَوْلَهَا فِی شِعْرِهَا لِاعْتِدَاءِ [لِأَعْدَاءِ] مُحَمَّدٍ وَ مُقَاتِلِیهِ:
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقٍ نَمْشِی عَلَى النَّمَارِقِ
کالدُّرِّ فِی الْمَخَانِقِ وَ الْمِسْکِ فِی الْمَفَارِقِ
بحارالانوار، ج30، ص 297
إِنْ یُقْبِلُوا نُعَانِقْ أَوْ یُدْبِرُوا نُفَارِقْ
فِرَاقَ غَیْرِ وَامِقٍ
وَ نِسْوَتُهَا فِی الثِّیَابِ الصُّفْرِ الْمَرْئِیَّةِ مُبْدِیَاتٍ وُجُوهَهُنَّ وَ مَعَاصِمَهُنَّ وَ رُءُوسَهُنَّ یَحْرِصْنَ عَلَى قِتَالِ مُحَمَّدٍ، إِنَّکُمْ لَمْ تُسَلِّمُوا طَوْعاً وَ إِنَّمَا أَسْلَمْتُمْ کَرْهاً یَوْمَ فَتْحِ مَکَّةَ فَجَعَلَکُمْ طُلَقَاءَ، وَ جَعَلَ أَخِی زَیْداً وَ عَقِیلًا أَخَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الْعَبَّاسَ عَمَّهُمْ مِثْلَهُمْ، وَ کَانَ مِنْ أَبِیکَ فِی نَفْسِهِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ یَا ابْنَ أَبِی کَبْشَةَ! لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَیْکَ خَیْلًا وَ رَجِلًا وَ أَحُولُ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ هَذِهِ الْأَعْدَاءِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَ یُؤْذِنُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ عَلِمَ مَا فِی نَفْسِهِ أَوْ یَکْفِی اللَّهُ شَرَّکَ یَا أَبَا سُفْیَانَ! وَ هُوَ یُرِی النَّاسَ أَنْ لَا یَعْلُوَهَا أَحَدٌ غَیْرِی، وَ عَلِیٍّ وَ مَنْ یَلِیهِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ فَبَطَلَ سِحْرُهُ وَ خَابَ سَعْیُهُ، وَ عَلَاهَا أَبُو بَکْرٍ وَ عَلَوْتُهَا بَعْدَهُ وَ أَرْجُو أَنْ تَکُونُوا مَعَاشِرَ بَنِی أُمَیَّةَ عِیدَانَ أَطْنَابِهَا، فَمِنْ ذَلِکَ قَدْ وَلَّیْتُکَ وَ قَلَّدْتُکَ إِبَاحَةَ مُلْکِهَا وَ عَرَّفْتُکَ فِیهَا وَ خَالَفْتُ قَوْلَهُ فِیکُمْ، وَ مَا أُبَالِی مِنْ تَأْلِیفِ شِعْرِهِ وَ نَثْرِهِ، أَنَّهُ قَالَ: یُوحَى إِلَیَّ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّی فِی قَوْلِهِ: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ فَزَعَمَ أَنَّهَا أَنْتُمْ یَا بَنِی أُمَیَّةَ، فَبَیَّنَ عَدَاوَتَهُ حَیْثُ مَلِکَ کَمَا لَمْ یَزَلْ هَاشِمٌ وَ بَنُوهُ أَعْدَاءَ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ، وَ أَنَا مَعَ تَذْکِیرِی إِیَّاکَ یَا مُعَاوِیَةُ! وَ شَرْحِی لَکَ مَا قَدْ شَرَحْتُهُ نَاصِحٌ لَکَ وَ مُشْفِقٌ عَلَیْکَ مِنْ ضِیقِ عَطَنِکَ وَ حَرَجِ صَدْرِکَ، وَ قِلَّةِ حِلْمِکَ، أَنْ تُعَجِّلَ فِیمَا وَصَّیْتُکَ بِهِ وَ مَکَّنْتُکَ مِنْهُ مِنْ شَرِیعَةِ مُحَمَّدٍ (ص) وَ أُمَّتِهِ أَنْ تُبْدِیَ لَهُمْ مُطَالَبَتَهُ بِطَعْنٍ أَوْ شَمَاتَةً بِمَوْتٍ أَوْ رَدّاً عَلَیْهِ فِیمَا أَتَى بِهِ، أَوْ اسْتِصْغَاراً لِمَا أَتَى بِهِ فَتَکُونَ مِنَ الْهَالِکِینَ، فَتَخْفِضَ مَا رَفَعْتُ وَ تَهْدِمَ مَا بَنَیْتُ، وَ احْذَرْ کُلَّ
بحارالانوار، ج30، ص 298
الْحَذَرِ حَیْثُ دَخَلْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ مَسْجِدَهُ وَ مِنْبَرَهُ وَ صَدِّقْ مُحَمَّداً فِی کُلِّ مَا أَتَى بِهِ وَ أَوْرَدَهُ ظَاهِراً، وَ أَظْهِرِ التَّحَرُّزَ وَ الْوَاقِعَةَ فِی رَعِیَّتِکَ، وَ أَوْسِعْهُمْ حِلْماً، وَ أَعِمَّهُمْ بِرَوَائِحِ الْعَطَایَا، وَ عَلَیْکَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِیهِمْ وَ تَضْعِیفِ الْجِنَایَةِ مِنْهُمْ لسببا [لِسَبَبِ] مُحَمَّدٍ مِنْ مَالِکَ وَ رِزْقِکَ وَ لَا تُرِهِمْ أَنَّکَ تَدَعُ لِلَّهِ حَقّاً وَ لَا تَنْقُضُ فَرْضاً وَ لَا تُغَیِّرُ لِمُحَمَّدٍ سُنَّةً فَتُفْسِدَ عَلَیْنَا الْأُمَّةَ، بَلْ خُذْهُمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، وَ اقْتُلْهُمْ بِأَیْدِیهِمْ، وَ أَبِدْهُمْ بِسُیُوفِهِمْ وَ تَطَاوُلِهِمْ وَ لَا تُنَاجِزْهُمْ، وَ لِنْ لَهُمْ وَ لَا تَبْخَسْ عَلَیْهِمْ، وَ افْسَحْ لَهُمْ فِی مَجْلِسِکَ، وَ شَرِّفْهُمْ فِی مَقْعَدِکَ، وَ تَوَصَّلْ إِلَى قَتْلِهِمْ بِرَئِیسِهِمْ، وَ أَظْهِرِ الْبِشْرَ وَ الْبَشَاشَةَ بَلِ اکْظِمْ غَیْظَکَ وَ اعْفُ عَنْهُمْ یُحِبُّوکَ وَ یُطِیعُوکَ، فَمَا آمَنُ عَلَیْنَا وَ عَلَیْکَ ثَوْرَةَ عَلِیٍّ وَ شِبْلَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ، فَإِنْ أَمْکَنَکَ فِی عِدَّةٍ مِنَ الْأُمَّةِ فَبَادِرْ وَ لَا تَقْنَعْ بِصِغَارِ الْأُمُورِ، وَ اقْصِدْ بِعَظِیمِهَا وَ احْفَظْ وَصِیَّتِی إِلَیْکَ وَ عَهْدِی وَ أَخْفِهِ وَ لَا تُبْدِهِ، وَ امْتَثِلْ أَمْرِی وَ نَهْیِی وَ انْهَضْ بِطَاعَتِی، وَ إِیَّاکَ وَ الْخِلَافَ عَلَیَّ، وَ اسْلُکْ طَرِیقَ أَسْلَافِکِ، وَ اطْلُبْ بِثَارِکَ، وَ اقْتَصَّ آثَارَهُمْ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ إِلَیْکَ بِسِرِّی وَ جَهْرِی، وَ شَفَعْتُ هَذَا بِقَوْلِی:
مُعَاوِیَ إِنَّ الْقَوْمَ جَلَّتْ أُمُورُهُمْ بِدَعْوَةِ مَنْ عَمَّ الْبَرِیَّةَ بِالْوَتْرِی
صَبَوْتُ إِلَى دَیْنٍ لَهُمْ فَأَرَابَنِی فَأَبْعِدْ بِدِینٍ قَدْ قَصَمْتُ بِهِ ظَهْرِی
وَ إِنْ أَنْسَ لَا أَنْسَ الْوَلِیدَ وَ شَیْبَةَ وَ عُتْبَةَ وَ الْعَاصَ السَّرِیعَ لَدَى بَدْرٍ
وَ تَحْتَ شَغَافِ الْقَلْبِ لَدْغٌ لِفَقْدِهِمْ أَبُو حَکَمٍ أَعْنِی الْضَئِیلَ مِنَ الْفَقْرِی
بحارالانوار، ج30، ص 299
أُولَئِکَ فَاطْلُبْ یَا مُعَاوِیَ ثَارَهُمْ بِنَصْلِ سُیُوفِ الْهِنْدِ وَ الْأَسَلِ السُّمْرِی
وَ صِلْ بِرِجَالِ الشَّامِ فِی مَعْشَرِهِمْ هُمُ الْأُسْدُ وَ الْبَاقُونَ فِی أَکَمِ الْوَعْرِی
تَوَسَّلْ إِلَى التَّخْلِیطِ فِی الْمِلَّةِ الَّتِی أَتَانَا بِهِ الْمَاضِی الْمُسَمُّوهُ بِالسِّحْرِی
وَ طَالِبْ بِأَحْقَادٍ مَضَتْ لَکَ مُظْهِراً لِعِلَّةِ دِینٍ عَمَّ کُلَّ بَنِی النَّضْرِ
فَلَسْتَ تَنَالُ الثَّارَ إِلَّا بِدِینِهِمْ فَتَقْتُلُ بِسَیْفِ الْقَوْمِ جِیدَ بَنِی عَمْرِی
لِهَذَا لَقَدْ وَلَّیْتُکَ الشَّامَ رَاجِیاً وَ أَنْتَ جَدِیرٌ أَنْ تَئُولَ إِلَى صَخْرِی قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَذَا الْعَهْدَ، قَامَ إِلَى یَزِیدَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، وَ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! عَلَى قَتْلِکَ الشَّارِیَّ ابْنَ الشَّارِیِّ، وَ اللَّهِ مَا أَخْرَجَ أَبِی إِلَیَّ بِمَا أَخْرَجَ إِلَى أَبِیکَ، وَ اللَّهِ لَا رَآنِی أَحَدٌ مِنْ رَهْطِ مُحَمَّدٍ بِحَیْثُ یُحِبُّ وَ یَرْضَى، فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَ بَرَّهُ، وَ رَدَّهُ مُکَرَّماً.
فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ عِنْدِهِ ضَاحِکاً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: مَا قَالَ لَکَ؟.
قَالَ: قَوْلًا صَادِقاً لَوَدِدْتُ أَنِّی کُنْتُ مُشَارِکَهُ فِیهِ، وَ سَارَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِینَةِ، وَ کَانَ جَوَابُهُ لِمَنْ یَلْقَاهُ هَذَا الْجَوَابَ.
وَ یُرْوَى أَنَّهُ أَخْرَجَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ کِتَاباً فِیهِ عَهْدُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِیهِ أَغْلَظُ مِنْ هَذَا وَ أَدْهَى وَ أَعْظَمُ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِی کَتَبَهُ عُمَرُ لِمُعَاوِیَةَ، فَلَمَّا
بحارالانوار، ج30، ص 300
قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَهْدَ الْآخَرَ قَامَ فَقَبَّلَ رَأْسَ یَزِیدَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قَتْلِکَ الشَّارِیَ ابْنَ الشَّارِی، وَ اعْلَمْ أَنَّ وَالِدِی عُمَرَ أَخْرَجَ إِلَیَّ مِنْ سِرِّهِ بِمِثْلِ هَذَا الَّذِی أَخْرَجَهُ إِلَى أَبِیکَ مُعَاوِیَةَ، وَ لَا أَرَى أَحَداً مِنْ رَهْطِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِهِ وَ شِیعَتِهِ بَعْدَ یَوْمِی هَذَا إِلَّا غَیْرَ مُنْطَوٍ لَهُمْ عَلَى خَیْرٍ أَبَداً. فَقَالَ یَزِیدُ: أَ فِیهِ شَرْحُ الْخَفَا یَا ابْنَ عُمَرَ؟.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَظْهَرُوا الْإِیمَانَ وَ أَسَرُّوا الْکُفْرَ، فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ.
توضیحات علامه مجلسی
بیان:
لم أجد الروایة بغیر هذا السند، و فیها غرائب.
و الشائکة من الشوک.. یقال: شجرة شائکة.. أی ذات شوک، أی کانت البصائر و النیّات غیر خالصة ممّا یختلج بالبال من الشکوک و الشبهات.
و رجل طمطمانی بالضم فی لسانه عجمة.
و قال الجوهری: فلان واسع العطن و البلد: إذا کان رحب الذّراع
متن عربی نامه عمر به معاویه