متن عربی خطبه غدیر
بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحیم
الحمد و الثناء
الْحَمْدُ للّهِِ الَّذی عَلا فی تَوَحُّدِهِ وَدَنا فی تَفَرُّدِهِ وَجَلَّ فی سُلْطانِهِ وَعَظُمَ فی أَرْکانِهِ، وَأَحاطَ بِکُلِّ شَیْءٍ عِلْما وَهُوَ فی مَکانِهِ، وَقَهَرَ جَمیعَ الْخَلْقِ بِقُدْرَتِهِ وَبُرْهانِهِ، حَمیدا لَمْیَزَلْ، مَحْمُودا لا یَزالُ وَمَجیدا لا یَزُولُ، وَمُبْدِئا وَمُعیدا وَکُلُّ أَمْرٍ إلَیْهِ یَعُودُ.
بارِئُ الْمَسْمُوکاتِ وَداحِى الْمَدْحُوّاتِ وَجَبّارُ الاْءَرَضینَ وَالسَّماواتِ، قُدُّوسٌ سُبُّوحٌ، رَبُّ الْمَلائِکَةِ وَالرُّوحِ، مُتَفَضِّلٌ عَلى جَمیعِ مَنْ بَرَأَهُ، مُتَطَوِّلٌ عَلى جَمیعِ مَنْ أَنْشَأَهُ.
یَلْحَظُ کُلَّ عَیْنٍ وَالْعُیُونُ لا تَراهُ. کَریمٌ حَلیمٌ ذُو أَناةٍ، قَدْ وَسِعَ کُلَّ شَیْءٍ رَحْمَتُهُ وَمَنَّ عَلَیْهِمْ بِنِعْمَتِهِ. لا یَعْجَلُ بِانْتِقامِهِ، وَلا یُبادِرُ إلَیْهِمْ بِمَا اسْتَحَقُّوا مِنْ عَذابِهِ.
قَدْ فَهِمَ السَّرائِرَ وَعَلِمَ الضَّمائِرَ، وَلَمْ تَخْفَ عَلَیْهِ الْمَکْنُوناتُ وَلاَ اشْتَبَهَتْ عَلَیْهِ الْخَفِیّاتُ. لَهُ الاْءحاطَةُ بِکُلِّ شَیْءٍ وَالْغَلَبَةُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ وَالْقُوَّةُ فی کُلِّ شَیْءٍ وَالْقُدْرَةُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ، وَلَیْسَ مِثْلَهُ شَیْءٌ. وَهُوَ مُنْشِئُ الشَّیْءِ حینَ لا شَیْءَ، دائِمٌ حَیٌّ وَقائِمٌ بِالْقِسْطِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزیزُ الْحَکیمُ.
جَلَّ عَنْ أَنْ تُدْرِکَهُ الاْءَبْصارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الاْءَبْصارَ وَهُوَ اللَّطیفُ الْخَبیرُ. لا یَلْحَقُ أَحَدٌ وَصْفَهُ مِنْ مُعایَنَةٍ، وَلا یَجِدُ أَحَدٌ کَیْفَ هُوَ مِنْ سِرٍّ وَعَلانِیَةٍ، إلاّ بِما دَلَّ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَفْسِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللّهُ الَّذی مَلاَءَ الدَّهْرَ قُدْسُهُ، وَالَّذی یَغْشَى الاْءَبَدَ نُورُهُ، وَالَّذی یُنْفِذُ أَمْرَهُ بِلا مُشاوَرَةِ مُشیرٍ، وَلا مَعَهُ شَریکٌ فی تَقْدیرِهِ، وَلا یُعاوَنُ فی تَدْبیرِهِ.
صَوَّرَ مَا ابْتَدَعَ عَلى غَیْرِ مِثالٍ، وَخَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعُونَةٍ مِنْ أَحَدٍ وَلا تَکَلُّفٍ وَلاَ احْتِیالٍ.
أَنْشَأَها فَکانَتْ، وَبَرَأَها فَبانَتْ. فَهُوَ اللّهُ الَّذی لا إلهَ إلاّ هُوَ الْمُتْقِنُ الصَّنْعَةَ، الْحَسَنُ الصَّنیعَةُ، الْعَدْلُ الَّذی لا یَجُورُ، وَالاْءَکْرَمُ الَّذی تَرْجِعُ إلَیْهِ الاْءُمُورُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللّهُ الَّذی تَواضَعَ کُلُّ شَیْءٍ لِعَظَمَتِهِ، وَذَلَّ کُلُّ شَیْءٍ لِعِزَّتِهِ، وَاسْتَسْلَمَ کُلُّ شَیْءٍ لِقُدْرَتِهِ، وَخَضَعَ کُلُّ شَیْءٍ لِهَیْبَتِهِ. مَلِکُ الاْءَمْلاکِ وَمُفَلِّکُ الاْءَفْلاکِ وَمُسَخِّرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، کُلٌّ یَجْری لاِءَجَلٍ مُسَمّى، یُکَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَى النَّهارِ وَیُکَوِّرُ النَّهارَ عَلى اللَّیْلِ یَطْلُبُهُ حَثیثا. قاصِمُ کُلِّ جَبّارٍ عَنیدٍ، وَمُهْلِکُ کُلِّ شَیْطانٍ مَریدٍ.
لَمْ یَکُنْ لَهُ ضِدٌّ وَلا مَعَهُ نِدٌّ، أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفْوا أَحَدٌ. إلهٌ واحِدٌ وَرَبُّ ماجِدٌ، یَشاءُ فَیُمْضی، وَیُریدُ فَیَقْضی، وَیَعْلَمُ فَیُحْصی، وَیُمیتُ وَیُحْیی، وَیُفْقِرُ وَیُغْنی، وَیُضْحِکُ وَیُبْکی، وَیُدْنی وَیُقْصی، وَیَمْنَعُ وَیُعْطی، لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَهُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدیرٌ.
یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَیُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزیزُ الْغَفّارُ. مُسْتَجیبُ الدُّعاءِ وَمُجْزِلُ الْعَطاءِ، مُحْصِى الاْءَنْفاسِ وَرَبُّ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ ؛ الَّذی لا یُشْکِلُ عَلَیْهِ شَیْءٌ، وَلا یُضْجِرُهُ صُراخُ الْمُسْتَصْرِخینَ، وَلا یُبْرِمُهُ إلْحاحُ الْمُلِحّینَ. الْعاصِمُ لِلصّالِحینَ، وَالْمُوَفِّقُ لِلْمُفْلِحینَ، وَمَوْلَى الْمُؤْمِنینَ وَرَبُّ الْعالَمینَ ؛ الَّذی اسْتَحَقَّ مِنْ کُلِّ مَنْ خَلَقَ أَنْ یَشْکُرَهُ وَیَحْمَدَهُ عَلى کُلِّ حالٍ.
أَحْمَدُهُ کَثیرا وَأَشْکُرُهُ دائِما عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَأُومِنُ بِهِ وَبِمَلائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. أَسْمَعُ لاِءَمْرِهِ وَأُطیعُ وَأُبادِرُ إلى کُلِّ ما یَرْضاهُ وَأَسْتَسْلِمُ لِما قَضاهُ، رَغْبَةً فی طاعَتِهِ وَخَوْفا مِنْ عُقُوبَتِهِ، لاِءَنَّهُ اللّهُ الَّذی لا یُؤْمَنُ مَکْرُهُ وَلا یُخافُ جَوْرُهُ.
أمرٌ إلهىٌّ فی موضوع هامّ
وَأُقِرُّ لَهُ عَلى نَفْسی بِالْعُبُودِیَّةِ، وَأَشْهَدُ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ، وَأُؤَدّی ما أَوْحى بِهِ إلَیَّ، حَذَرا مِنْ أَنْ لا أَفْعَلَ فَتَحِلَّ بی مِنْهُ قارِعَةٌ لا یَدْفَعُها عَنّی أَحَدٌ وَإنْ عَظُمَتْ حیلَتُهُ وَصَفَتْ خُلَّتُهُ ؛ لا إلهَ إلاّ هُوَ.
لاِءنَّهُ قَدْ أعْلَمَنی أَنّی إنْ لَمْ أُبَلِّغْ ما أَنْزَلَ إلَیَّ فی حَقِّ عَلِیٍّ فَما بَلَّغْتُ رِسالَتَهُ، وَقَدْ ضَمِنَ لی تَبارَکَ وَتَعالى الْعِصْمَةَ مِنَ النّاسِ وَهُوَ اللّهُ الْکافِی الْکَریمُ.
فَأَوْحى إلَیَّ: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ ـ فی عَلِیٍّ، یَعْنی فِی الْخِلافَةِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبیطالِبٍ ـ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ».
مَعاشِرَ النّاسِ، ما قَصَّرْتُ فی تَبْلیغِ ما أَنْزَلَ اللّهُ تَعالى إلَیَّ، وَأَنَا أُبَیِّنُ لَکُمْ سَبَبَ هذِهِ الاْآیَةِ: إنَّ جَبْرَئیلَ هَبَطَ إلَیَّ مِرارا ثَلاثا یَأْمُرُنی عَنِ السَّلامِ رَبّی ـ وَهُوَ السَّلامُ ـ أَنْ أَقُومَ فی هذَا الْمَشْهَدِ فَأُعْلِمَ کُلَّ أَبْیَضَ وَأَسْوَدَ: أَنَّ عَلِى¨َّ بْنَ أَبى¨طالِبٍ أَخى¨ وَوَصِیّى¨ وَخَلیفَتى¨ عَلى أُمَّتى¨ وَالاْءمامُ مِنْ بَعْدى¨، الَّذى¨ مَحَلُّهُ مِنّى¨ مَحَلُّ هارُونَ مِنْ مُوسى اءلاّ أَنَّهُ لا نَبِى¨َّ بَعْدى¨، وَهُوَ وَلِیُّکُمْ بَعْدَ اللّهِ وَرَسُولِهِ.
وَقَدْ أَنْزَلَ اللّهُ تَبارَکَ وَتَعالى عَلَیَّ بِذلِکَ آیَةً مِنْ کِتابِهِ هی: «إنَّما وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ یُقیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَهُمْ راکِعُونَ»، وَعَلِیُّ بْنُ أَبیطالِبٍ الَّذی أقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّکاةَ وَهُوَ راکِعٌ یُریدُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ فی کُلِّ حالٍ.
وَسَأَلْتُ جَبْرَئیلَ أَنْ یَسْتَعْفِیَ لِیَ السَّلامَ عَنْ تَبْلیغِ ذلِکَ إلَیْکُمْ ـ أَیُّهَا النّاسُ ـ لِعِلْمی بِقِلَّةِ الْمُتَّقینَ وَکَثْرَةِ الْمُنافِقینَ وَإدْغالِ اللاّئِمینَ وَحِیَلِ الْمُسْتَهْزِئینَ بِالاْءسْلامِ، الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللّهُ فی کِتابِهِ بِأَنَّهُمْ یَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَیْسَ فی قُلُوبِهِمْ، وَیَحْسَبُونَهُ هَیِّنا وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظیمٌ، وَکَثْرَةِ أَذاهُمْ لی غَیْرَ مَرَّةٍ، حَتّى سَمُّونی أُذُنا وَزَعَمُوا أَنّی کَذلِکَ لِکَثْرَةِ مُلازَمَتِهِ إیّایَ وَإقْبالی عَلَیْهِ وَهَواهُ وَقَبُولِهِ مِنّی، حَتّى أَنْزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فی ذلِکَ: «وَمِنْهُمُ الَّذینَ یُؤْذُونَ النَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، قُلْ أُذُنُ ـ عَلَى الَّذینَ یَزْعَمُونَ أَنَّهُ أُذُنٌ ـ خَیْرٍ لَکُمْ، یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَیُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنینَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذینَ آمَنوا مِنْکُمْ وَالَّذینَ یُؤذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلیمٌ».
وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّیَ الْقائِلینَ بِذلِکَ بِأَسْمائِهِمْ لَسَمَّیْتُ، وَأَنْ أومِئَ إلَیْهِمْ بِأَعْیانِهِمْ لاَءَوْمَأْتُ، وَأَنْ أَدُلَّ عَلَیْهِمْ لَدَلَلْتُ، وَلکِنّی وَاللّهِ فی أُمُورِهِمْ قَدْ تَکَرَّمْتُ.
وَکُلُّ ذلِکَ لا یَرْضَى اللّهُ مِنّی إلاّ أَنْ أُبَلِّغَ ما أَنْزَلَ اللّهُ إلَیَّ فی حَقِّ عَلِیٍّ، « یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ ـ فی حَقِّ عَلِیٍّ ـ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ».
الإعلان الرسمی بإمامة الأئمة الاثنی عشر علیهمالسلام و ولایتهم
فَاعْلَمُوا مَعاشِرَ النّاسِ ذلِکَ فیهِ وَافْهَمُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ قَدْ نَصَبَهُ لَکُمْ وَلِیّا وَإماما فَرَضَ طاعَتَهُ عَلَى الْمُهاجِرینَ وَالاْءَنْصارِ وَعَلَى التّابِعینَ لَهُمْ بِإحْسانٍ، وَعَلَى الْبادی وَالْحاضِرِ، وَعَلَى الْعَجَمِیِّ وَالْعَرَبِیِّ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوکِ وَالصَّغیرِ وَالْکَبیرِ، وَعَلَى الاْءَبْیَضِ وَالاْءَسْوَدِ، وَ عَلى کُلِّ مُوَحِّدٍ ماضٍ حُکْمُهُ، جازٍ قَوْلُهُ، نافِذٌ أَمْرُهُ، مَلْعُونٌ مَنْ خالَفَهُ، مَرْحُومٌ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَهُ وَلِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَأَطاعَ لَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ آخِرُ مَقامٍ أَقُومُهُ فی هذَا الْمَشْهَدِ، فَاسْمَعُوا وَأَطیعُوا وَانْقادُوا لاِءَمْرِ اللّهِ رَبِّکُمْ، فَإنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَوْلاکُمْ وَإلهُکُمْ، ثُمَّ مِنْ دُونِهِ رَسُولُهُ وَنَبِیُّهُ الْمُخاطِبُ لَکُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدی عَلِیٌّ وَلِیُّکُمْ وَإمامُکُمْ بِأَمْرِ اللّهِ رَبِّکُمْ، ثُمَّ الاْءمامَةُ فی ذُرِّیَّتی مِنْ وُلْدِهِ إلى یَوْمٍ تَلْقَوْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ.
لا حَلالَ اءلاّ ما أَحَلَّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَلا حَرامَ اءلاّ ما حَرَّمَهُ اللّهُ عَلَیْکُمْ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَاللّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّفَنِى¨َ الْحَلالَ وَالْحَرامَ وَأَنَا أَفْضَیْتُ بِما عَلَّمَنى¨ رَبّى¨ مِنْ کِتابِهِ وَحَلالِهِ وَحَرامِهِ اءلَیْهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ. ما مِنْ عِلْمٍ إلاّ وَقَدْ أَحْصاهُ اللّهُ فِیَّ، وَکُلُّ عِلْمٍ عُلِّمْتُ فَقَدْ أَحْصَیْتُهُ فی إمامِ الْمُتَّقینَ، وَما مِنْ عِلْمٍ إلاّ وَقَدْ عَلَّمْتُهُ عَلِیّا، وَهُوَ الاْءمامُ الْمُبینُ الَّذی ذَکَرَهُ اللّهُ فی سُورَةِ یسآ: «وکُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ فی إمامٍ مُبینٍ».
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَضِلُّوا عَنْهُ وَلا تَنْفِرُوا مِنْهُ، وَلا تَسْتَنْکِفُوا عَنْ وِلایَتِهِ، فَهُوَ الَّذی یَهْدی إلَى الْحَقِّ وَیَعْمَلُ بِهِ، وَیُزْهِقُ الْباطِلَ وَیَنْهى عَنْهُ، وَلا تَأْخُذُهُ فِی اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ.
أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ یَسْبِقْهُ إلَى الاْیمانِ بی أَحَدٌ، وَالَّذی فَدى رَسُولَ اللّهِ بِنَفْسِهِ، وَالَّذی کانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ وَلا أَحَدَ یَعْبُدُ اللّهَ مَعَ رَسُولِهِ مِنَ الرِّجالِ غَیْرُهُ. أَوَّلُ النّاسِ صَلاةً وَأَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللّهَ مَعی. أَمَرْتُهُ عَنِ اللّهِ أَنْ یَنامَ فی مَضْجَعی، فَفَعَلَ فادِیا لی بِنَفْسِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ فَقَدْ فَضَّلَهُ اللّهُ، وَاقْبَلُوهُ فَقَدْ نَصَبَهُ اللّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ إمامٌ مِنَ اللّهِ، وَلَنْ یَتُوبَ اللّهُ عَلى أَحَدٍ أَنْکَرَ وِلایَتَهُ وَلَنْ یَغْفِرَ لَهُ، حَتْما عَلَى اللّهِ أَنْ یَفْعَلَ ذلِکَ بِمَنْ خالَفَ أَمْرَهُ وَأَنْ یُعَذِّبَهُ عَذابا نُکْرا أَبَدَ الاْآبادِ وَدَهْرَ الدُّهُورِ. فَاحْذَرُوا أَنْ تُخالِفُوهُ، فَتَصْلُوا نارا وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْکافِرینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، بی ـ وَاللّهِ ـ بَشَّرَ الاْءَوَّلُونَ مِنَ النَّبِیّینَ وَالْمُرْسَلینَ، وَأَنَا ـ وَاللّهِ ـ خاتَمُ الاْءَنْبِیاءِ وَالْمُرْسَلینَ، وَالْحُجَّةُ عَلى جَمیعِ الْمَخْلُوقینَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالاْءَرَضینَ. فَمَنْ شَکَّ فی ذلِکَ فَقَدْ کَفَرَ کُفْرَ الْجاهِلِیَّةِ الاُْولى، وَمَنْ شَکَّ فى¨ شَى¨ْءٍ مِنْ قَوْلى¨ هذا فَقَدْ شَکَّ فى¨ کُلِّ ما أُنْزِلَ اءلَى¨َّ، وَمَنْ شَکَّ فى¨ واحِدٍ مِنَ الاْءَئِمَّةِ فَقَدْ شَکَّ فِى¨ الْکُلِّ مِنْهُمْ، وَالشّاکُ فینا فِى¨ النّارِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حَبانِیَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهذِهِ الْفَضیلَةِ مَنّا مِنْهُ عَلَیَّ وَإحْسانا مِنْهُ إلَیَّ وَلا إلهَ إلاّ هُوَ، أَلا لَهُ الْحَمْدُ مِنّی أَبَدَ الآبِدینَ وَدَهْرَ الدّاهِرینَ وَعَلى کُلِّ حالٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوا عَلِیّا فَاءنَّهُ أَفْضَلُ النّاسِ بَعْدى¨ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثى ما أَنْزَلَ اللّهُ الرِّزْقَ وَبَقِى¨َ الْخَلْقُ.
مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ، مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ عَلَیَّ قَوْلی هذا وَلَمْ یُوافِقْهُ. أَلا إنَّ جَبْرَئیلَ خَبَّرَنی عَنِ اللّهِ تَعالى بِذلِکَ وَیَقُولُ: «مَنْ عادى عَلِیّا وَلَمْ یَتَوَلَّهُ فَعَلَیْهِ لَعْنَتی وَغَضَبی»، «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللّهَ ـ أَنْ تُخالِفُـوهُ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ـ إنَّ اللّهَ خَبیرٌ بِما تَعْمَلُونَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ جَنْبُ اللّهِ الَّذی ذَکَرَ فی کِتابِهِ الْعَزیزِ، فَقالَ تَعالى مُخْبرا عَمَّنْ یُخالِفُهُ: «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فى¨ جَنْبِ اللّهِ».
مَعاشِرَ النّاسِ، تَدَبَّرُوا القُرْآنَ وَافْهَمُوا آیاتِهِ، وَانْظُرُوا إلى مُحْکَماتِهِ وَلا تَتَّبِعُوا مُتَشابِهَهُ، فَوَاللّهِ لَنْ یُبَیِّنَ لَکُمْ زَواجِرَهُ وَلَنْ یُوضِحَ لَکُمْ تَفْسیرَهُ إلاَّ الَّذی أَنَا آخِذٌ بِیَدِهِ وَمُصْعِدُهُ إلَیَّ وَشائِلٌ بِعَضُدِهِ وَرافِعُهُ بِیَدی وَمُعْلِمُکُمْ: أَنَّ مَنْ کُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِى¨ٌّ مَوْلاهُ، وَهُوَ عَلِى¨ٌّ بْنُ أَبى¨طالِبٍ أَخى¨ وَوَصِیّى¨، وَمُوالاتُهُ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَها عَلَى¨َّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ عَلِیّا وَالطَّیِّبینَ مِنْ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ هُمُ الثِّقْلُ الاْءَصْغَرُ، وَالْقُرْآنُ الثِّقْلُ الاْءَکْبَرُ، فَکُلُّ واحِدٍ مِنْهُما مُنْبِئٌ عَنْ صاحِبِهِ وَمُوافِقٌ لَهُ، لَنْ یَفْتَرِقا حَتّى یَرِدا عَلَیَّ الْحَوْضَ.
أَلا إنَّهُمْ أُمَناءُ اللّهِ فی خَلْقِهِ وَحُکّامُهُ فی أَرْضِهِ.
أَلا وَقَدْ أَدَّیْتُ، أَلا وَقَدْ بَلَّغْتُ، أَلا وَقَدْ أَسْمَعْتُ، أَلا وَقَدْ أَوْضَحْتُ. ألا وَإنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ، وَأَنَا قُلْتُ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَلا اءنَّهُ لا «أَمیرَالْمُؤْمِنینَ» غَیْرَ أَخى¨ هذا. أَلا لا تَحِلُّ اءمْرَةُ الْمُؤْمِنینَ بَعْدى¨ لاِءَحَدٍ غَیْرِهِ.
رفع علی علیهالسلام بیدی رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله ثم ضرب بیده إلى عضد علی علیهالسلام فرفعه، وکان أمیرالمؤمنین علیهالسلام منذ أول ما صعد رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله منبره على درجة دون مقامه مُتیامِنا عن وجه رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله کأنَّهما فی مقام واحد. فرفعه رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله بیده وبسطهما إلى السماء وشال علیّا علیهالسلام حتى صارت رجله مع رکبة رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله، ثم قال: أیُّهَا النّاسُ، مَنْ أوْلى بِکُمْ مِنْ أنْفُسِکُمْ؟ قالوا: اللّهُ وَ رَسوُلُهُ. فَقالَ:
ألا فَمَنْ کُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِیٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِیٌّ أَخی وَوَصِیّی وَواعی عِلْمی، وخَلیفَتی فی أُمَّتی عَلى مَنْ آمَنَ بی وَعَلى تَفْسیرِ کِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ وَالدّاعی إلَیْهِ وَالْعامِلُ بِما یَرْضاهُ وَالْمُحارِبُ لاِءَعْدائِهِ وَالْمُوالی عَلى طاعَتِهِ وَالنّاهی عَنْ مَعْصِیَتِهِ.
إنَّهُ خَلیفَةُ رَسُولِ اللّهِ وَأَمیرُالْمُؤْمِنینَ وَالإمامُ الْهادی مِنَ اللّهِ، وَقاتِلُ النّاکِثینَ وَالْقاسِطینَ وَالْمارِقینَ بِأَمْرِ اللّهِ.
یَقُولُ اللّهُ: «ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ». بِأَمْرِکَ یا رَبِّ أَقُولُ:
اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَاْنصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَالْعَنْ مَنْ أَنْکَرَهُ وَاغْضِبْ عَلى مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ.
اللّهُمَّ إنَّکَ أَنْزَلْتَ الاْآیَةَ فی عَلِیٍّ وَلِیِّکَ عِنْدَ تَبْیینِ ذلِکَ وَنَصْبِکَ إیّاهُ لِهذَا الْیَوْمِ: «الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتی وَرَضیتُ لَکُمُ الاْءسْلامَ دینا»، وَ قُلْتَ: «إنَّ الدّینَ عِنْدَ اللّهِ اْلإسْلامُ»، وَ قُلْتَ: «وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الاْءسْلامِ دینا فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِى الاْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرینَ».
اللّهُمَّ إنّی أُشْهِدُکَ أَنّی قَدْ بَلَّغْتُ.
التأکید على توجه الأُمة نحو مسألة الإمامة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّما أَکْمَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ دینَکُمْ بِإمامَتِهِ. فَمَنْ لَمْیَأْتَمَّ بِهِ وَبِمَنْ یَقُومُ مَقامَهُ مِنْ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُولئِکَ الَّذینَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِی الدُّنْیا والاْآخِرَةِ وَفِی النّارِ هُمْ خالِدُونَ، «لا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ یُنْظَرُونَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِیٌّ، أَنْصَرُکُمْ لی وَأَحَقُّکُمْ بی وَأَقْرَبُکُمْ إلَیَّ وَأَعَزُّکُمْ عَلَیَّ، وَاللّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا عَنْهُ راضِیانِ. وَما نَزَلَتْ آیَةُ رِضىً فِی الْقُرْآنِ إلاّ فیهِ، وَلا خاطَبَ اللّهُ الَّذینَ آمَنُوا إلاّ بَدَأَ بِهِ، وَلا نَزَلَتْ آیَةُ مَدْحٍ فِی الْقُرآنِ إلاّ فیهِ، وَلا شَهِدَ اللّهُ بِالْجَنَّةِ فی «هَلْ أَتى عَلَى الاِْنْسانِ» إلاّ لَهُ، وَلا أَنْزَلَـها فی سِواهُ وَلا مَدَحَ بِهـا غَیْرَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هُوَ ناصِرُ دینِ اللّهِ وَالْمُجادِلُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ، وَهُوَ التَّقِیُّ النَّقِیُّ الْهادِی الْمَهْدِیُّ. نَبِیُّکُمْ خَیْرُ نَبِیٍّ وَوَصِیُّکُمْ خَیْرُ وَصِیٍّ وَبَنُوهُ خَیْرُ الاْءَوْصِیاءِ.
مَعـاشِرَ النّـاسِ، ذُرِّیَّـةُ کُلُّ نَبِـى¨ٍّ مِنْ صُلْـبِهِ، وَذُرِّیَّتـى¨ مِنْ صُلْبِ أمیرِالْمُؤْمِنینَ عَلِى¨ٍّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ إبْلیسَ أَخْرَجَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْحَسَدِ، فَلا تَحْسُدُوهُ فَتَحْبِطَ أَعْمالُکُمْ وَتَزِلَّ أَقْدامُکُمْ، فَإنَّ آدَمَ أُهْبِطَ إلَى الاْءَرْضِ بِخَطیئَةٍ واحِدَةٍ، وَهُوَ صَفْوَةُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَکَیْفَ بِکُمْ وَأَنْتُمْ أَنْتُمْ وَمِنْکُمْ أَعْداءُ اللّهِ.
ألا وَإنَّهُ لا یُبْغِضُ عَلِیّا إلاّ شَقِیٌّ، وَلا یُوالی عَلِیّا إلاّ تَقِیٌّ، وَلا یُؤمِنُ بِهِ إلاّ مُؤمِنٌ مُخْلِصٌ. وَفی عَلِیٍّ ـ وَاللّهِ ـ نَزَلَتْ سُورَةُ الْعَصْرِ: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، وَالْعَصْرِ، إنَّ الاْءنْسانَ لَفی خُسْرٍ» إلاّ عَلِیٌّ الَّذی آمَنَ وَرَضِیَ بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ اسْتَشْهَدْتُ اللّهَ وَبَلَّغْتُکُمْ رِسالَتی وَما عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبینُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، «اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».
الإشارة إلى مقاصد المنافقین
مَعاشِرَ النّاسِ، «آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذی أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّها عَلى أدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ کَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ». بِاللّهِ ما عَنى بِهذِهِ الاْآیَةِ إلاّ قَوْما مِنْ أَصْحابی أَعْرِفُهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وَأَنْسابِهِمْ، وَقَدْ أُمِرْتُ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ. فَلْیَعْمَـلْ کُلُّ امْرِئٍ عَلى ما یَجِدُ لِعَلِى¨ٍّ فى¨ قَلْبِهِ مِنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، النُّورُ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْلُوکٌ فِیَّ، ثُمَّ فی عَلِیِّ بْنِ أَبیطالِبٍ، ثُمَّ فِی النَّسْلِ مِنْهُ إلَى الْقائِمِ الْمَهْدِیِّ الَّذی یَأْخُذُ بِحَقِّ اللّهِ وَبِکُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنا، لاِءَنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَنا حُجَّةً عَلَى الْمُقَصِّرینَ وَالْمُعانِدینَ وَالْمُخالِفینَ وَالْخائِنینَ وَالاْآثِمینَ وَالظّالِمینَ وَالْغاصِبینَ مِنْ جَمیعِ الْعالَمینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أُنْذِرُکُمْ أَنّی رَسُولُ اللّهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِیَ الرُّسُلُ، أَفَإنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِکُمْ ؟ وَمَنْ یَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللّهَ شَیْئا وَسَیَجْزِی اللّهُ الشّاکِرینَ الصّابِرینَ. أَلا وَإنَّ عَلِیّا هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصَّبْرِ وَالشُّکْرِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَمُنُّوا عَلَیَّ بِإسْلامِکُمْ، بَلْ لا تَمُنُّوا عَلَى اللّهِ فَیُحْبِطَ عَمَلَکُمْ وَیَسْخَطَ عَلَیْکُمْ وَیَبْتَلِیَکُمْ بِشُواظٍ مِنْ نارٍ وَنُحاسٍ، إنَّ رَبَّکُمْ لَبِالْمِرْصادِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ سَیَکُونُ مِنْ بَعْدی أَئِمَّةٌ یَدْعُونَ إلَى النّارِ وَیَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ وَأَنَا بَریئانِ مِنْهُمْ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُمْ وَأَنْصارَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ وَأَشْیاعَهُمْ فِی الدَّرْکِ الاْءَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَکَبِّرینَ.
ألا اءنَّهُـمْ أَصْحـابُ الصَّحیفَـةِ، فَلْیَنْظُـرْ أَحَـدُکُمْ فـى¨ صَحیفَتِـهِ!!
قال: فذهب على الناس ـ إلاّ شرذمة منهم ـ أمر الصحیفة.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی أَدَعُها إمامَةً وَوِراثَةً فی عَقِبی إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ، وَقَدْ بَلَّغْتُ ما أُمِرْتُ بِتَبْلیغِهِ حُجَّةً عَلى کُلِّ حاضِرٍ وَغائِبٍ، وَعَلى کُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ یَشْهَدْ، وُلِدَ أَوْ لَمْ یُولَدْ، فَلْیُبَلِّغِ الْحاضِرُ الْغائِبَ وَالْوالِدُ الْوَلَدَ إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ.
وَسَیَجْعَلُونَ الاْءمامَةَ بَعْدى¨ مُلْکاً وَاغْتِصاباً، ألا لَعَنَ اللّهُ الْغاصِبینَ الْمُغْتَصِبینَ، وَعِنْدَها سَیَفْرُغُ لَکُمْ أَیُّهَا الثَّقَلانِ مَنْ یَفْرُغُ، وَیُرْسَلُ عَلَیْکُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ یَکُنْ لِیَذَرَکُمْ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتّى یَمیزَ الْخَبیثَ مِنَ الطَّیِّبِ، وَما کانَ اللّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَى الْغَیْبِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّهُ ما مِنْ قَرْیَةٍ اءلاّ وَاللّهُ مُهْلِکُها بِتَکْذیبِها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ، وَمُمَلِّکُهَا الاْءمامَ الْمَهْدِى¨َّ وَاللّهُ مُصَدِّقٌ وَعْدَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ ضَلَّ قَبْلَکُمْ أَکْثَرُ الاْءَوَّلینَ، وَاللّهُ لَقَدْ أَهْلَکَ الاْءَوَّلینَ، وَهُوَ مُهْلِکُ الاْآخِرینَ. قالَ اللّهُ تَعالى: «أَلَمْ نُهْلِکِ الاْءَوَّلینَ، ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاْآخِرینَ، کَذلِکَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمینَ، وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبینَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ قَدْ أَمَرَنی وَنَهانی، وَقَدْ أَمَرْتُ عَلِیّا وَنَهَیْتُهُ بِأَمْرِهِ. فَعِلْمُ الاْءَمْرِ وَالنَّهْیِ لَدَیْهِ، فَاسْمَعُوا لاِءَمْرِهِ تَسْلِمُوا وَأَطیعُوهُ تَهْتَدُوا وَانْتَهُوا لِنَهْیِهِ تَرْشُدُوا، وَصیرُوا إلى مُرادِهِ وَلا تَتَفَرَّقْ بِکُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبیلِهِ.
أولیاء أهل البیت علیهمالسلام وأعداءهم
مَعاشِرَ النّاسِ، أَنَا صِراطُ اللّهِ الْمُسْتَقیمُ الَّذی أَمَرَکُمْ بِاتِّباعِهِ، ثُمَّ عَلِیٌّ مِنْ بَعْدی، ثُمَّ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَّةُ الْهُدى، یَهْدُونَ إلَى الْحَقِّ وَبِهِ یَعْدِلُونَ.
«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، الْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعالَمینَ، الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، مالِکِ یَوْمِ الدّینِ، إیّاکَ نَعْبُدُ وَإیّاکَ نَسْتَعینُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقیمَ، صِراطَ الَّذینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبُ عَلَیْهِمْ وَلاَ الضّالّینَ»، فِیَّ نَزَلَتْ وَفیهِمْ وَاللّهِ نَزَلَتْ، وَلَهُمْ عَمَّتْ، وَإیّاهُمْ خَصَّتْ، أُولئِکَ أَوْلِیاءُ اللّهِ الَّذینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ. أَلا إنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ الْغاوُونَ إخْوانُ الشَّیاطینِ، یُوحی بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا.
أَلا إنَّ أوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ ذَکَرَهُمُ اللّهُ فی کِتابِهِ، فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: «لا تَجِدُ قَوْما یُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْیَومِ الاْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ کانُوا آبائَهُمْ أَوْ أَبْنائَهُمْ أَوْ إخْوانَهُمْ أَوْ عَشیرَتَهُمْ، أُولئِکَ کَتَبَ فی قُلُوبِهِمُ الاْیمانَ وَأَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَیُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْری مِنْ تَحْتِهَا الاْءَنْهارُ خالِدینَ فیها رَضِیَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِکَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقالَ: «الَّذینَ آمَنُوا وَلَمْ یَلْبَسُوا ایمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولـئِکَ لَهُمُ الاْءَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ آمَنُوا وَلَمْ یَرْتابُوا.
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلامٍ آمِنینَ، تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِکَةُ بِالتَّسْلیمِ یَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَیْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدینَ.
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمْ، لَهُمُ الْجَنَّةُ یُرْزَقُونَ فیها بِغَیْرِ حِسابٍ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ یَصْلَوْنَ سَعیرا.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ یَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهیقا وَهِیَ تَفُورُ وَیَرَوْنَ لَها زَفیرا.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ قالَ اللّهُ فیهِمْ: «کُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتّى إذَا ادّارَکُوا فیها جَمیعا قالَتْ أُخْریهُمْ لاِءوُلیهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذابا ضِعْفا مِنَ النّارِ قالَ لِکُلٍّ ضِعْفٌ وَلکِنْ لاتَعْلَمُونَ».
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «کُلَّما أُلْقِیَ فیها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ یَأْتِکُمْ نَذیرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذیرٌ فَکَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللّهُ مِنْ شَیءٍ، إنْ أَنْتُمْ إلاّ فی ضَلالٍ کَبیرٍ، وَقالوُا لَوْ کُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما کُنّا فی أَصْحابِ السَّعیرِ فَاعْتَرَفوُا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقا لاِءَصْحابِ السَّعیرِ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَیْبِ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ کَبیرٌ.
مَعاشِرَ النّاسِ، شَتّانَ ما بَیْنَ السَّعیرِ وَالاْءَجْرِ الْکَبیرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، عَدُوُّنا مَنْ ذَمَّهُ اللّهُ وَلَعَنَهُ، وَوَلِیُّنا کُلُّ مَنْ مَدَحَهُ اللّهُ وَأَحَبَّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی أنَا النَّذیرُ وَعَلِیٌّ الْبَشیرُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی مُنْذِرٌ وَعَلِیٌّ هادٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی نَبِیٌّ وَعلِیٌّ وَصِیّی.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی رَسُولٌ وَعَلِیٌّ الاْءمامُ وَالْوَصِیُّ مِنْ بَعْدی، وَالاْءَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ. أَلا وَإنّی والِدُهُمْ وَهُمْ یَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِهِ.
الإمام المهدی عجَّل اللّه تعالى فرجه الشریف
أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِیَّ. أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ
عَلَى الدّینِ. أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمینَ. أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها. أَلا إنَّهُ غالِبُ کُلِّ قَبیلَةٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْکِ وَهادیها.
أَلا إنَّهُ الْمُدْرِکُ بِکُلِّ ثارٍ لاِءَوْلِیاءِ اللّهِ. أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدینِ اللّهِ. أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْرٍ عَمیقٍ. أَلا إنَّهُ یَسِمُ کُلَّ ذی فَضْلٍ بِفَضْلِهِ وَکُلَّ ذی جَهْلٍ بِجَهْلِهِ. أَلا إنَّهُ خِیَرَةُ اللّهِ وَمُخْتارُهُ. أَلا إنَّهُ وارِثُ کُلِّ عِلْمٍ وَالْمُحیطُ بِکُلِّ فَهْمٍ.
أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَیِّدُ لاِءَمْرِ آیاتِهِ. أَلا إنَّهُ الرَّشیدُ السَّدیدُ. أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَیْهِ.
أَلا اءنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَیْنَ یَدَیْهِ.
أَلا إنَّهُ الْباقی حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُورَ إلاّ عِنْدَهُ.
أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَیْهِ. أَلا وَإنَّهُ وَلِیُّ اللّهِ فی أَرْضِهِ، وَحَکَمُهُ فی خَلْقِهِ، وَأَمینُهُ فی سِرِّهِ وَعَلانِیَتِهِ.
التمهید لأمر البیعة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی قَدْ بَیَّنْتُ لَکُمْ وَأَفْهَمْتُکُمْ، وَهذا عَلِیٌّ یُفْهِمُکُمْ بَعْدی. أَلا وَاءنّى¨ عِنْدَ انْقِضاءِ خُطْبَتى¨ أَدْعُوکُمْ اءلى مُصافَقَتى¨ عَلى بَیْعَتِهِ وَالاْءقْرارِ بِهِ، ثُمَّ مُصافَقَتِهِ بَعْدى¨.
أَلا وَاءنّى¨ قَدْ بایَعْتُ اللّهَ وَعَلِى¨ٌّ قَدْ بایَعَنى¨، وَأَنَا آخِذُکُمْ بِالْبَیْعَةِ لَهُ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ. «إنَّ الَّذینَ یُبایِعُونَکَ إنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ، یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدیهِمْ. فَمَنْ نَکَثَ فَإنَّما یَنْکُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتیهِ أَجْرا عَظیما».
الحلال و الحرام، الواجبات و المحرَّمات
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ، «فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَیْرا فَإنَّ اللّهَ شاکِرٌ عَلیمٌ».
مَعاشِـرَ النّاسِ، حِجُّـوا الْبَیْتَ، فَما وَرَدَهُ أَهْـلُ بَیْتٍ إلاَّ اسْتَغْنَـوْا وَأُبْشِـرُوا، وَلا تَخَلَّفُـوا عَنْهُ إلاّ بُتِـرُوا وَافْتَقَرُوا.
مَعاشِرَ النّاسِ، ما وَقَفَ بِالْمَوْقِفِ مُؤْمِنٌ إلاّ غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ إلى وَقْتِهِ ذلِکَ، فَإذَا انْقَضَتْ حَجَّتُهُ اسْتَأْنَفَ عَمَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْحُجّاجُ مُعانُونَ وَنَفَقاتُهُمْ مُخَلَّفَةٌ عَلَیْهِمْ وَاللّهُ لا یُضیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حِجُّوا الْبَیْتَ بِکَمالِ الدّینِ وَالتَّفَقُّهِ، وَلاتَنْصَرِفُوا عَنِ الْمَشاهِدِ إلاّ بِتَوْبَةٍ وَإقْلاعٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ کَما أَمَرَکُمُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَاءنْ طالَ عَلَیْکُمُ الاْءَمَدُ فَقَصَّرْتُمْ أَوْ نَسیتُمْ فَعَلِى¨ٌّ وَلِیُّکُمْ وَمُبَیِّنٌ لَکُمْ ؛ الَّذی نَصَبَهُ اللّهُ عزَّ وَجَلَّ لَکُمْ بَعْدی أَمینَ خَلْقِهِ. إنَّهُ مِنّی وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَمَنْ یَخْلُفُ مِنْ ذُرِّیَّتی یُخْبِرُونَکُمْ بِما تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَیُبَیِّنُونَ لَکُمْ ما لا تَعْلَمُونَ.
أَلا اءنَّ الْحَلالَ وَالْحَرامَ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِیَهُما وَأُعَرِّفَهُما ؛ فَآمُرُ بِالْحَلالِ وَأَنْهى¨ عَنِ الْحَرامِ فی مَقامٍ واحِدٍ، فَأُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الْبَیْعَةَ مِنْکُمْ وَالصَّفْقَةَ لَکُمْ بِقَبُولِ ما جِئْتُ بِهِ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ فى¨ عَلِى¨ٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَالاْءَوْصِیاءِ مِنْ بَعْدِهِ الَّذینَ هُمْ مِنّى¨ وَمِنْهُ اءمامَةً فیهِمْ قائِمَةً، خاتِمُها الْمَهْدِى¨ُّ اءلى یَوْمٍ یَلْقَى اللّهَ الَّذى¨ یُقَدِّرُ وَیَقْضى¨.
مَعاشِرَ النّاسِ، وَکُلُّ حَلالٍ دَلَلْتُکُمْ عَلَیْهِ وَکُلُّ حَرامٍ نَهَیْتُکُمْ عَنْهُ فَاءنّى¨ لَمْأَرْجِعْ عَنْ ذلِکَ وَلَمْ أُبَدِّلْ. أَلا فَاذْکُرُوا ذلِکَ وَاحْفَظُوهُ وَتَواصَوْا بِهِ، وَلا تُبَدِّلُوهُ وَلا تُغَیِّرُوهُ.
أَلا وَإنّی أُجَدِّدُ الْقَوْلَ: أَلا فَأَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَاءْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ.
أَلا وَاءنَّ رَأْسَ الاْءَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ تَنْتَهُوا اءلى قَوْلى¨ وَتُبَلِّغُوهُ مَنْ لَمْ یَحْضُرْ وَتَأْمُرُوهُ بِقَبُولِهِ عَنّى¨ وَتَنْهَوْهُ عَنْ مُخالَفَتِهِ، فَاءنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنّى¨. وَلا أَمْرَ بِمَعْرُوفٍ وَلا نَهْى¨َ عَنْ مُنْکَرٍ اءلاّ مَعَ اءمامٍ مَعْصُومٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْقُرْآنُ یُعَرِّفُکُمْ أنَّ الاْءَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ، وَعَرَّفْتُکُمْ أنَّهُمْ مِنّی وَمِنْهُ، حَیْثُ یَقُولُ اللّهُ فی کِتابِهِ: «وَجَعَلَها کَلِمَةً باقِیَةً فی عَقِبِهِ»، وقُلْتُ: «لَنْ تَضِلُّوا ما إنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِما».
مَعاشِرَ النّاسِ، التَّقْوى، التَّقْوى، وَاحْذَرُوا السّاعَةَ کَما قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَیْءٌ عَظیمٌ».
اذْکُرُوا الْمَماتَ وَالْمَعادَ وَالْحِسابَ وَالْمَوازینَ وَالْمُحاسَبَةَ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّ الْعالَمینَ وَالثَّوابَ وَالْعِقابَ. فَمَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أُثیبَ عَلَیْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلَیْسَ لَهُ فِی الْجِنانِ نَصیبٌ.
البیعة بصورة رسمیّة
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّکُمْ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ تُصافِقُونى¨ بِکَفٍّ واحِدٍ فى¨ وَقْتٍ واحِدٍ، وَقَدْ أَمَرَنِى¨َ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ آخُذَ مِنْ أَلْسِنَتِکُمُ الاْءقْرارَ بِما عَقَّدْتُ لِعَلِى¨ٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ، وَلِمَنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الاْءَئِمَّةِ مِنّى¨ وَمِنْهُ، عَلى ما أَعْلَمْتُکُمْ أَنَّ ذُرِّیَّتى¨ مِنْ صُلْبِهِ.
فَقُولُوا بِأَجْمَعِکُمْ: «إنّا سامِعُونَ مُطیعُونَ راضُونَ مُنْقادُونَ لِما بَلَّغْتَ عَنْ رَبِّنا وَرَبِّکَ فی أَمْرِ إمامِنا عَلِیٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَمَنْ وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ مِنَ الاْءَئِمَّةِ. نُبایِعُکَ عَلى ذلِکَ بِقُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَأَیْدینا. عَلى ذلِکَ نَحْیى وَعَلَیْهِ نَمُوتُ وَعَلَیْهِ نُبْعَثُ. وَلا نُغَیِّرُ وَلا نُبَدِّلُ، وَلا نَشُکُّ وَلا نَجْحَدُ وَلا نَرْتابُ، وَلا نَرْجِعُ عَنِ الْعَهْدِ وَلانَنْقُضُ الْمیثاقَ.
وَعَظْتَنا بِوَعْظِ اللّهِ فی عَلِیٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَالاْءَئِمَّةِ الَّذینَ ذَکَرْتَ مِنْ ذُرِّیَّتِکَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ، الْحَسَنِ وَالْحُسَیْنِ وَمَنْ نَصَبَهُ اللّهُ بَعْدَهُما.
فَالْعَهْدُ وَالْمیثاقُ لَهُمْ مَأْخُوذٌ مِنّا، مِنْ قُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَضَمائِرِنا وَأَیْدینا. مَنْ أَدْرَکَها بِیَدِهِ وَإلاّ فَقَدْ أَقَرَّ بِلِسانِهِ، وَلا نَبْتَغی بِذلِکَ بَدَلاً وَلا یَرَى اللّهُ مِنْ أَنْفُسِنا حِوَلاً. نَحْنُ نُؤَدّی ذلِکَ عَنْکَ الدّانی وَالْقاصی مِنْ أَوْلادِنا وَأَهالینا، وَنُشْهِدُ اللّهَ بِذلِکَ وَکَفى بِاللّهِ شَهیدا وَأَنْتَ عَلَیْنا بِهِ شَهیدٌ».
مَعاشِرَ النّاسِ، ما تَقُولُونَ ؟ فَإنَّ اللّهَ یَعْلَمُ کُلَّ صَوْتٍ وَخافِیَةَ کُلِّ نَفْسٍ، «فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإنَّما یَضِلُّ عَلَیْها»، وَمَنْ بایَعَ فَإنَّما یُبایِعُ اللّهَ، «یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدیهِمْ».
مَعاشِرَ النّاسِ، فَبایِعُوا اللّهَ وَبایِعُونى¨ وَبایِعُوا عَلِیّا أمیرَالْمُؤْمِنینَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَیْنَ وَالاْءَئِمَّةَ مِنْهُمْ فِى¨ الدُّنْیا وَالاْآخِرَةِ کَلِمَةً باقِیَةً ؛ یُهْلِکُ اللّهُ مَنْ غَدَرَ وَیَرْحَمُ مَنْ وَفى. «فَمَنْ نَکَثَ فَإنَّما یَنْکُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتیهِ أَجْرا عَظیما».
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا الَّذی قُلْتُ لَکُمْ وَسَلِّمُوا عَلى عَلِیٍّ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنینَ، وَقُولُوا: «سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَکَ رَبَّنا وَإلَیْکَ الْمَصیرُ»، وَقُولُوا: «الْحَمْدُ للّهِِ الَّذی هَدانا لِهذا وَما کُنّا لِنَهْتَدِیَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ».
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّ فَضائِلَ عَلِى¨ِّ بْنِ أَبى¨طالِبٍ عِنْدَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَقَدْ أَنْزَلَها فِى¨ الْقُرْآنِ ـ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِیَها فى¨ مَقامٍ واحِدٍ، فَمَنْ أَنْبَأَکُمْ بِها وَعَرَفَها فَصَدِّقُوهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، مَنْ یُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَعَلِیّا وَالاْءَئِمَّةَ الَّذینَ ذَکَرْتُهُمْ فَقَدْ فازَ فَوْزا عَظیما.
مَعاشِرَ النّاسِ، السّابِقُونَ إلى مُبایَعَتِهِ وَمُوالاتِهِ وَالتَّسْلیمِ عَلَیْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنینَ أُولئِکَ هُمُ الْفائِزُونَ فی جَنّاتِ النَّعیمِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا ما یَرْضَى اللّهُ بِهِ عَنْکُمْ مِنَ الْقَوْلِ، فَإنْ تَکْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِی الاْءَرْضِ جَمیعا فَلَنْ یَضُرَّ اللّهَ شَیْئا.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنینَ بِما أَدَّیْتُ وَأَمَرْتُ وَاغْضِبْ عَلَى الْجاحِدینَ الْکافِرینَ، وَالْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعالَمینَ.
متن فارسی غدیر خم
برگرفته از کتاب «خطابه غدیر» نوشته محمد باقر انصاری
الحمد و الثناء
الْحَمْدُ للّهِِ الَّذی عَلا فی تَوَحُّدِهِ وَدَنا فی تَفَرُّدِهِ وَجَلَّ فی سُلْطانِهِ وَعَظُمَ فی أَرْکانِهِ، وَأَحاطَ بِکُلِّ شَیْءٍ عِلْما وَهُوَ فی مَکانِهِ، وَقَهَرَ جَمیعَ الْخَلْقِ بِقُدْرَتِهِ وَبُرْهانِهِ، حَمیدا لَمْیَزَلْ، مَحْمُودا لا یَزالُ وَمَجیدا لا یَزُولُ، وَمُبْدِئا وَمُعیدا وَکُلُّ أَمْرٍ إلَیْهِ یَعُودُ.
بارِئُ الْمَسْمُوکاتِ وَداحِى الْمَدْحُوّاتِ وَجَبّارُ الاْءَرَضینَ وَالسَّماواتِ، قُدُّوسٌ سُبُّوحٌ، رَبُّ الْمَلائِکَةِ وَالرُّوحِ، مُتَفَضِّلٌ عَلى جَمیعِ مَنْ بَرَأَهُ، مُتَطَوِّلٌ عَلى جَمیعِ مَنْ أَنْشَأَهُ.
یَلْحَظُ کُلَّ عَیْنٍ وَالْعُیُونُ لا تَراهُ. کَریمٌ حَلیمٌ ذُو أَناةٍ، قَدْ وَسِعَ کُلَّ شَیْءٍ رَحْمَتُهُ وَمَنَّ عَلَیْهِمْ بِنِعْمَتِهِ. لا یَعْجَلُ بِانْتِقامِهِ، وَلا یُبادِرُ إلَیْهِمْ بِمَا اسْتَحَقُّوا مِنْ عَذابِهِ.
قَدْ فَهِمَ السَّرائِرَ وَعَلِمَ الضَّمائِرَ، وَلَمْ تَخْفَ عَلَیْهِ الْمَکْنُوناتُ وَلاَ اشْتَبَهَتْ عَلَیْهِ الْخَفِیّاتُ. لَهُ الاْءحاطَةُ بِکُلِّ شَیْءٍ وَالْغَلَبَةُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ وَالْقُوَّةُ فی کُلِّ شَیْءٍ وَالْقُدْرَةُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ، وَلَیْسَ مِثْلَهُ شَیْءٌ. وَهُوَ مُنْشِئُ الشَّیْءِ حینَ لا شَیْءَ، دائِمٌ حَیٌّ وَقائِمٌ بِالْقِسْطِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزیزُ الْحَکیمُ.
جَلَّ عَنْ أَنْ تُدْرِکَهُ الاْءَبْصارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الاْءَبْصارَ وَهُوَ اللَّطیفُ الْخَبیرُ. لا یَلْحَقُ أَحَدٌ وَصْفَهُ مِنْ مُعایَنَةٍ، وَلا یَجِدُ أَحَدٌ کَیْفَ هُوَ مِنْ سِرٍّ وَعَلانِیَةٍ، إلاّ بِما دَلَّ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَفْسِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللّهُ الَّذی مَلاَءَ الدَّهْرَ قُدْسُهُ، وَالَّذی یَغْشَى الاْءَبَدَ نُورُهُ، وَالَّذی یُنْفِذُ أَمْرَهُ بِلا مُشاوَرَةِ مُشیرٍ، وَلا مَعَهُ شَریکٌ فی تَقْدیرِهِ، وَلا یُعاوَنُ فی تَدْبیرِهِ.
صَوَّرَ مَا ابْتَدَعَ عَلى غَیْرِ مِثالٍ، وَخَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعُونَةٍ مِنْ أَحَدٍ وَلا تَکَلُّفٍ وَلاَ احْتِیالٍ.
أَنْشَأَها فَکانَتْ، وَبَرَأَها فَبانَتْ. فَهُوَ اللّهُ الَّذی لا إلهَ إلاّ هُوَ الْمُتْقِنُ الصَّنْعَةَ، الْحَسَنُ الصَّنیعَةُ، الْعَدْلُ الَّذی لا یَجُورُ، وَالاْءَکْرَمُ الَّذی تَرْجِعُ إلَیْهِ الاْءُمُورُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللّهُ الَّذی تَواضَعَ کُلُّ شَیْءٍ لِعَظَمَتِهِ، وَذَلَّ کُلُّ شَیْءٍ لِعِزَّتِهِ، وَاسْتَسْلَمَ کُلُّ شَیْءٍ لِقُدْرَتِهِ، وَخَضَعَ کُلُّ شَیْءٍ لِهَیْبَتِهِ. مَلِکُ الاْءَمْلاکِ وَمُفَلِّکُ الاْءَفْلاکِ وَمُسَخِّرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، کُلٌّ یَجْری لاِءَجَلٍ مُسَمّى، یُکَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَى النَّهارِ وَیُکَوِّرُ النَّهارَ عَلى اللَّیْلِ یَطْلُبُهُ حَثیثا. قاصِمُ کُلِّ جَبّارٍ عَنیدٍ، وَمُهْلِکُ کُلِّ شَیْطانٍ مَریدٍ.
لَمْ یَکُنْ لَهُ ضِدٌّ وَلا مَعَهُ نِدٌّ، أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفْوا أَحَدٌ. إلهٌ واحِدٌ وَرَبُّ ماجِدٌ، یَشاءُ فَیُمْضی، وَیُریدُ فَیَقْضی، وَیَعْلَمُ فَیُحْصی، وَیُمیتُ وَیُحْیی، وَیُفْقِرُ وَیُغْنی، وَیُضْحِکُ وَیُبْکی، وَیُدْنی وَیُقْصی، وَیَمْنَعُ وَیُعْطی، لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَهُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدیرٌ.
یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَیُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزیزُ الْغَفّارُ. مُسْتَجیبُ الدُّعاءِ وَمُجْزِلُ الْعَطاءِ، مُحْصِى الاْءَنْفاسِ وَرَبُّ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ ؛ الَّذی لا یُشْکِلُ عَلَیْهِ شَیْءٌ، وَلا یُضْجِرُهُ صُراخُ الْمُسْتَصْرِخینَ، وَلا یُبْرِمُهُ إلْحاحُ الْمُلِحّینَ. الْعاصِمُ لِلصّالِحینَ، وَالْمُوَفِّقُ لِلْمُفْلِحینَ، وَمَوْلَى الْمُؤْمِنینَ وَرَبُّ الْعالَمینَ ؛ الَّذی اسْتَحَقَّ مِنْ کُلِّ مَنْ خَلَقَ أَنْ یَشْکُرَهُ وَیَحْمَدَهُ عَلى کُلِّ حالٍ.
أَحْمَدُهُ کَثیرا وَأَشْکُرُهُ دائِما عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَأُومِنُ بِهِ وَبِمَلائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. أَسْمَعُ لاِءَمْرِهِ وَأُطیعُ وَأُبادِرُ إلى کُلِّ ما یَرْضاهُ وَأَسْتَسْلِمُ لِما قَضاهُ، رَغْبَةً فی طاعَتِهِ وَخَوْفا مِنْ عُقُوبَتِهِ، لاِءَنَّهُ اللّهُ الَّذی لا یُؤْمَنُ مَکْرُهُ وَلا یُخافُ جَوْرُهُ.
أمرٌ إلهىٌّ فی موضوع هامّ
وَأُقِرُّ لَهُ عَلى نَفْسی بِالْعُبُودِیَّةِ، وَأَشْهَدُ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ، وَأُؤَدّی ما أَوْحى بِهِ إلَیَّ، حَذَرا مِنْ أَنْ لا أَفْعَلَ فَتَحِلَّ بی مِنْهُ قارِعَةٌ لا یَدْفَعُها عَنّی أَحَدٌ وَإنْ عَظُمَتْ حیلَتُهُ وَصَفَتْ خُلَّتُهُ ؛ لا إلهَ إلاّ هُوَ.
لاِءنَّهُ قَدْ أعْلَمَنی أَنّی إنْ لَمْ أُبَلِّغْ ما أَنْزَلَ إلَیَّ فی حَقِّ عَلِیٍّ فَما بَلَّغْتُ رِسالَتَهُ، وَقَدْ ضَمِنَ لی تَبارَکَ وَتَعالى الْعِصْمَةَ مِنَ النّاسِ وَهُوَ اللّهُ الْکافِی الْکَریمُ.
فَأَوْحى إلَیَّ: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ ـ فی عَلِیٍّ، یَعْنی فِی الْخِلافَةِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبیطالِبٍ ـ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ».
مَعاشِرَ النّاسِ، ما قَصَّرْتُ فی تَبْلیغِ ما أَنْزَلَ اللّهُ تَعالى إلَیَّ، وَأَنَا أُبَیِّنُ لَکُمْ سَبَبَ هذِهِ الاْآیَةِ: إنَّ جَبْرَئیلَ هَبَطَ إلَیَّ مِرارا ثَلاثا یَأْمُرُنی عَنِ السَّلامِ رَبّی ـ وَهُوَ السَّلامُ ـ أَنْ أَقُومَ فی هذَا الْمَشْهَدِ فَأُعْلِمَ کُلَّ أَبْیَضَ وَأَسْوَدَ: أَنَّ عَلِى¨َّ بْنَ أَبى¨طالِبٍ أَخى¨ وَوَصِیّى¨ وَخَلیفَتى¨ عَلى أُمَّتى¨ وَالاْءمامُ مِنْ بَعْدى¨، الَّذى¨ مَحَلُّهُ مِنّى¨ مَحَلُّ هارُونَ مِنْ مُوسى اءلاّ أَنَّهُ لا نَبِى¨َّ بَعْدى¨، وَهُوَ وَلِیُّکُمْ بَعْدَ اللّهِ وَرَسُولِهِ.
وَقَدْ أَنْزَلَ اللّهُ تَبارَکَ وَتَعالى عَلَیَّ بِذلِکَ آیَةً مِنْ کِتابِهِ هی: «إنَّما وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ یُقیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَهُمْ راکِعُونَ»، وَعَلِیُّ بْنُ أَبیطالِبٍ الَّذی أقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّکاةَ وَهُوَ راکِعٌ یُریدُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ فی کُلِّ حالٍ.
وَسَأَلْتُ جَبْرَئیلَ أَنْ یَسْتَعْفِیَ لِیَ السَّلامَ عَنْ تَبْلیغِ ذلِکَ إلَیْکُمْ ـ أَیُّهَا النّاسُ ـ لِعِلْمی بِقِلَّةِ الْمُتَّقینَ وَکَثْرَةِ الْمُنافِقینَ وَإدْغالِ اللاّئِمینَ وَحِیَلِ الْمُسْتَهْزِئینَ بِالاْءسْلامِ، الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللّهُ فی کِتابِهِ بِأَنَّهُمْ یَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَیْسَ فی قُلُوبِهِمْ، وَیَحْسَبُونَهُ هَیِّنا وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظیمٌ، وَکَثْرَةِ أَذاهُمْ لی غَیْرَ مَرَّةٍ، حَتّى سَمُّونی أُذُنا وَزَعَمُوا أَنّی کَذلِکَ لِکَثْرَةِ مُلازَمَتِهِ إیّایَ وَإقْبالی عَلَیْهِ وَهَواهُ وَقَبُولِهِ مِنّی، حَتّى أَنْزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فی ذلِکَ: «وَمِنْهُمُ الَّذینَ یُؤْذُونَ النَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، قُلْ أُذُنُ ـ عَلَى الَّذینَ یَزْعَمُونَ أَنَّهُ أُذُنٌ ـ خَیْرٍ لَکُمْ، یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَیُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنینَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذینَ آمَنوا مِنْکُمْ وَالَّذینَ یُؤذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلیمٌ».
وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّیَ الْقائِلینَ بِذلِکَ بِأَسْمائِهِمْ لَسَمَّیْتُ، وَأَنْ أومِئَ إلَیْهِمْ بِأَعْیانِهِمْ لاَءَوْمَأْتُ، وَأَنْ أَدُلَّ عَلَیْهِمْ لَدَلَلْتُ، وَلکِنّی وَاللّهِ فی أُمُورِهِمْ قَدْ تَکَرَّمْتُ.
وَکُلُّ ذلِکَ لا یَرْضَى اللّهُ مِنّی إلاّ أَنْ أُبَلِّغَ ما أَنْزَلَ اللّهُ إلَیَّ فی حَقِّ عَلِیٍّ، « یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ ـ فی حَقِّ عَلِیٍّ ـ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ».
الإعلان الرسمی بإمامة الأئمة الاثنی عشر علیهمالسلام و ولایتهم
فَاعْلَمُوا مَعاشِرَ النّاسِ ذلِکَ فیهِ وَافْهَمُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ قَدْ نَصَبَهُ لَکُمْ وَلِیّا وَإماما فَرَضَ طاعَتَهُ عَلَى الْمُهاجِرینَ وَالاْءَنْصارِ وَعَلَى التّابِعینَ لَهُمْ بِإحْسانٍ، وَعَلَى الْبادی وَالْحاضِرِ، وَعَلَى الْعَجَمِیِّ وَالْعَرَبِیِّ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوکِ وَالصَّغیرِ وَالْکَبیرِ، وَعَلَى الاْءَبْیَضِ وَالاْءَسْوَدِ، وَ عَلى کُلِّ مُوَحِّدٍ ماضٍ حُکْمُهُ، جازٍ قَوْلُهُ، نافِذٌ أَمْرُهُ، مَلْعُونٌ مَنْ خالَفَهُ، مَرْحُومٌ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَهُ وَلِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَأَطاعَ لَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ آخِرُ مَقامٍ أَقُومُهُ فی هذَا الْمَشْهَدِ، فَاسْمَعُوا وَأَطیعُوا وَانْقادُوا لاِءَمْرِ اللّهِ رَبِّکُمْ، فَإنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَوْلاکُمْ وَإلهُکُمْ، ثُمَّ مِنْ دُونِهِ رَسُولُهُ وَنَبِیُّهُ الْمُخاطِبُ لَکُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدی عَلِیٌّ وَلِیُّکُمْ وَإمامُکُمْ بِأَمْرِ اللّهِ رَبِّکُمْ، ثُمَّ الاْءمامَةُ فی ذُرِّیَّتی مِنْ وُلْدِهِ إلى یَوْمٍ تَلْقَوْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ.
لا حَلالَ اءلاّ ما أَحَلَّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَلا حَرامَ اءلاّ ما حَرَّمَهُ اللّهُ عَلَیْکُمْ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَاللّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّفَنِى¨َ الْحَلالَ وَالْحَرامَ وَأَنَا أَفْضَیْتُ بِما عَلَّمَنى¨ رَبّى¨ مِنْ کِتابِهِ وَحَلالِهِ وَحَرامِهِ اءلَیْهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ. ما مِنْ عِلْمٍ إلاّ وَقَدْ أَحْصاهُ اللّهُ فِیَّ، وَکُلُّ عِلْمٍ عُلِّمْتُ فَقَدْ أَحْصَیْتُهُ فی إمامِ الْمُتَّقینَ، وَما مِنْ عِلْمٍ إلاّ وَقَدْ عَلَّمْتُهُ عَلِیّا، وَهُوَ الاْءمامُ الْمُبینُ الَّذی ذَکَرَهُ اللّهُ فی سُورَةِ یسآ: «وکُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ فی إمامٍ مُبینٍ».
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَضِلُّوا عَنْهُ وَلا تَنْفِرُوا مِنْهُ، وَلا تَسْتَنْکِفُوا عَنْ وِلایَتِهِ، فَهُوَ الَّذی یَهْدی إلَى الْحَقِّ وَیَعْمَلُ بِهِ، وَیُزْهِقُ الْباطِلَ وَیَنْهى عَنْهُ، وَلا تَأْخُذُهُ فِی اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ.
أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ یَسْبِقْهُ إلَى الاْیمانِ بی أَحَدٌ، وَالَّذی فَدى رَسُولَ اللّهِ بِنَفْسِهِ، وَالَّذی کانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ وَلا أَحَدَ یَعْبُدُ اللّهَ مَعَ رَسُولِهِ مِنَ الرِّجالِ غَیْرُهُ. أَوَّلُ النّاسِ صَلاةً وَأَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللّهَ مَعی. أَمَرْتُهُ عَنِ اللّهِ أَنْ یَنامَ فی مَضْجَعی، فَفَعَلَ فادِیا لی بِنَفْسِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ فَقَدْ فَضَّلَهُ اللّهُ، وَاقْبَلُوهُ فَقَدْ نَصَبَهُ اللّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ إمامٌ مِنَ اللّهِ، وَلَنْ یَتُوبَ اللّهُ عَلى أَحَدٍ أَنْکَرَ وِلایَتَهُ وَلَنْ یَغْفِرَ لَهُ، حَتْما عَلَى اللّهِ أَنْ یَفْعَلَ ذلِکَ بِمَنْ خالَفَ أَمْرَهُ وَأَنْ یُعَذِّبَهُ عَذابا نُکْرا أَبَدَ الاْآبادِ وَدَهْرَ الدُّهُورِ. فَاحْذَرُوا أَنْ تُخالِفُوهُ، فَتَصْلُوا نارا وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْکافِرینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، بی ـ وَاللّهِ ـ بَشَّرَ الاْءَوَّلُونَ مِنَ النَّبِیّینَ وَالْمُرْسَلینَ، وَأَنَا ـ وَاللّهِ ـ خاتَمُ الاْءَنْبِیاءِ وَالْمُرْسَلینَ، وَالْحُجَّةُ عَلى جَمیعِ الْمَخْلُوقینَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالاْءَرَضینَ. فَمَنْ شَکَّ فی ذلِکَ فَقَدْ کَفَرَ کُفْرَ الْجاهِلِیَّةِ الاُْولى، وَمَنْ شَکَّ فى¨ شَى¨ْءٍ مِنْ قَوْلى¨ هذا فَقَدْ شَکَّ فى¨ کُلِّ ما أُنْزِلَ اءلَى¨َّ، وَمَنْ شَکَّ فى¨ واحِدٍ مِنَ الاْءَئِمَّةِ فَقَدْ شَکَّ فِى¨ الْکُلِّ مِنْهُمْ، وَالشّاکُ فینا فِى¨ النّارِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حَبانِیَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهذِهِ الْفَضیلَةِ مَنّا مِنْهُ عَلَیَّ وَإحْسانا مِنْهُ إلَیَّ وَلا إلهَ إلاّ هُوَ، أَلا لَهُ الْحَمْدُ مِنّی أَبَدَ الآبِدینَ وَدَهْرَ الدّاهِرینَ وَعَلى کُلِّ حالٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوا عَلِیّا فَاءنَّهُ أَفْضَلُ النّاسِ بَعْدى¨ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثى ما أَنْزَلَ اللّهُ الرِّزْقَ وَبَقِى¨َ الْخَلْقُ.
مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ، مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ عَلَیَّ قَوْلی هذا وَلَمْ یُوافِقْهُ. أَلا إنَّ جَبْرَئیلَ خَبَّرَنی عَنِ اللّهِ تَعالى بِذلِکَ وَیَقُولُ: «مَنْ عادى عَلِیّا وَلَمْ یَتَوَلَّهُ فَعَلَیْهِ لَعْنَتی وَغَضَبی»، «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللّهَ ـ أَنْ تُخالِفُـوهُ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ـ إنَّ اللّهَ خَبیرٌ بِما تَعْمَلُونَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ جَنْبُ اللّهِ الَّذی ذَکَرَ فی کِتابِهِ الْعَزیزِ، فَقالَ تَعالى مُخْبرا عَمَّنْ یُخالِفُهُ: «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فى¨ جَنْبِ اللّهِ».
مَعاشِرَ النّاسِ، تَدَبَّرُوا القُرْآنَ وَافْهَمُوا آیاتِهِ، وَانْظُرُوا إلى مُحْکَماتِهِ وَلا تَتَّبِعُوا مُتَشابِهَهُ، فَوَاللّهِ لَنْ یُبَیِّنَ لَکُمْ زَواجِرَهُ وَلَنْ یُوضِحَ لَکُمْ تَفْسیرَهُ إلاَّ الَّذی أَنَا آخِذٌ بِیَدِهِ وَمُصْعِدُهُ إلَیَّ وَشائِلٌ بِعَضُدِهِ وَرافِعُهُ بِیَدی وَمُعْلِمُکُمْ: أَنَّ مَنْ کُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِى¨ٌّ مَوْلاهُ، وَهُوَ عَلِى¨ٌّ بْنُ أَبى¨طالِبٍ أَخى¨ وَوَصِیّى¨، وَمُوالاتُهُ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَها عَلَى¨َّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ عَلِیّا وَالطَّیِّبینَ مِنْ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ هُمُ الثِّقْلُ الاْءَصْغَرُ، وَالْقُرْآنُ الثِّقْلُ الاْءَکْبَرُ، فَکُلُّ واحِدٍ مِنْهُما مُنْبِئٌ عَنْ صاحِبِهِ وَمُوافِقٌ لَهُ، لَنْ یَفْتَرِقا حَتّى یَرِدا عَلَیَّ الْحَوْضَ.
أَلا إنَّهُمْ أُمَناءُ اللّهِ فی خَلْقِهِ وَحُکّامُهُ فی أَرْضِهِ.
أَلا وَقَدْ أَدَّیْتُ، أَلا وَقَدْ بَلَّغْتُ، أَلا وَقَدْ أَسْمَعْتُ، أَلا وَقَدْ أَوْضَحْتُ. ألا وَإنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ، وَأَنَا قُلْتُ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَلا اءنَّهُ لا «أَمیرَالْمُؤْمِنینَ» غَیْرَ أَخى¨ هذا. أَلا لا تَحِلُّ اءمْرَةُ الْمُؤْمِنینَ بَعْدى¨ لاِءَحَدٍ غَیْرِهِ.
رفع علی علیهالسلام بیدی رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله ثم ضرب بیده إلى عضد علی علیهالسلام فرفعه، وکان أمیرالمؤمنین علیهالسلام منذ أول ما صعد رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله منبره على درجة دون مقامه مُتیامِنا عن وجه رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله کأنَّهما فی مقام واحد. فرفعه رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله بیده وبسطهما إلى السماء وشال علیّا علیهالسلام حتى صارت رجله مع رکبة رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله، ثم قال: أیُّهَا النّاسُ، مَنْ أوْلى بِکُمْ مِنْ أنْفُسِکُمْ؟ قالوا: اللّهُ وَ رَسوُلُهُ. فَقالَ:
ألا فَمَنْ کُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِیٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِیٌّ أَخی وَوَصِیّی وَواعی عِلْمی، وخَلیفَتی فی أُمَّتی عَلى مَنْ آمَنَ بی وَعَلى تَفْسیرِ کِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ وَالدّاعی إلَیْهِ وَالْعامِلُ بِما یَرْضاهُ وَالْمُحارِبُ لاِءَعْدائِهِ وَالْمُوالی عَلى طاعَتِهِ وَالنّاهی عَنْ مَعْصِیَتِهِ.
إنَّهُ خَلیفَةُ رَسُولِ اللّهِ وَأَمیرُالْمُؤْمِنینَ وَالإمامُ الْهادی مِنَ اللّهِ، وَقاتِلُ النّاکِثینَ وَالْقاسِطینَ وَالْمارِقینَ بِأَمْرِ اللّهِ.
یَقُولُ اللّهُ: «ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ». بِأَمْرِکَ یا رَبِّ أَقُولُ:
اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَاْنصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَالْعَنْ مَنْ أَنْکَرَهُ وَاغْضِبْ عَلى مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ.
اللّهُمَّ إنَّکَ أَنْزَلْتَ الاْآیَةَ فی عَلِیٍّ وَلِیِّکَ عِنْدَ تَبْیینِ ذلِکَ وَنَصْبِکَ إیّاهُ لِهذَا الْیَوْمِ: «الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتی وَرَضیتُ لَکُمُ الاْءسْلامَ دینا»، وَ قُلْتَ: «إنَّ الدّینَ عِنْدَ اللّهِ اْلإسْلامُ»، وَ قُلْتَ: «وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الاْءسْلامِ دینا فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِى الاْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرینَ».
اللّهُمَّ إنّی أُشْهِدُکَ أَنّی قَدْ بَلَّغْتُ.
التأکید على توجه الأُمة نحو مسألة الإمامة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّما أَکْمَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ دینَکُمْ بِإمامَتِهِ. فَمَنْ لَمْیَأْتَمَّ بِهِ وَبِمَنْ یَقُومُ مَقامَهُ مِنْ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُولئِکَ الَّذینَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِی الدُّنْیا والاْآخِرَةِ وَفِی النّارِ هُمْ خالِدُونَ، «لا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ یُنْظَرُونَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِیٌّ، أَنْصَرُکُمْ لی وَأَحَقُّکُمْ بی وَأَقْرَبُکُمْ إلَیَّ وَأَعَزُّکُمْ عَلَیَّ، وَاللّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا عَنْهُ راضِیانِ. وَما نَزَلَتْ آیَةُ رِضىً فِی الْقُرْآنِ إلاّ فیهِ، وَلا خاطَبَ اللّهُ الَّذینَ آمَنُوا إلاّ بَدَأَ بِهِ، وَلا نَزَلَتْ آیَةُ مَدْحٍ فِی الْقُرآنِ إلاّ فیهِ، وَلا شَهِدَ اللّهُ بِالْجَنَّةِ فی «هَلْ أَتى عَلَى الاِْنْسانِ» إلاّ لَهُ، وَلا أَنْزَلَـها فی سِواهُ وَلا مَدَحَ بِهـا غَیْرَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هُوَ ناصِرُ دینِ اللّهِ وَالْمُجادِلُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ، وَهُوَ التَّقِیُّ النَّقِیُّ الْهادِی الْمَهْدِیُّ. نَبِیُّکُمْ خَیْرُ نَبِیٍّ وَوَصِیُّکُمْ خَیْرُ وَصِیٍّ وَبَنُوهُ خَیْرُ الاْءَوْصِیاءِ.
مَعـاشِرَ النّـاسِ، ذُرِّیَّـةُ کُلُّ نَبِـى¨ٍّ مِنْ صُلْـبِهِ، وَذُرِّیَّتـى¨ مِنْ صُلْبِ أمیرِالْمُؤْمِنینَ عَلِى¨ٍّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ إبْلیسَ أَخْرَجَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْحَسَدِ، فَلا تَحْسُدُوهُ فَتَحْبِطَ أَعْمالُکُمْ وَتَزِلَّ أَقْدامُکُمْ، فَإنَّ آدَمَ أُهْبِطَ إلَى الاْءَرْضِ بِخَطیئَةٍ واحِدَةٍ، وَهُوَ صَفْوَةُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَکَیْفَ بِکُمْ وَأَنْتُمْ أَنْتُمْ وَمِنْکُمْ أَعْداءُ اللّهِ.
ألا وَإنَّهُ لا یُبْغِضُ عَلِیّا إلاّ شَقِیٌّ، وَلا یُوالی عَلِیّا إلاّ تَقِیٌّ، وَلا یُؤمِنُ بِهِ إلاّ مُؤمِنٌ مُخْلِصٌ. وَفی عَلِیٍّ ـ وَاللّهِ ـ نَزَلَتْ سُورَةُ الْعَصْرِ: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، وَالْعَصْرِ، إنَّ الاْءنْسانَ لَفی خُسْرٍ» إلاّ عَلِیٌّ الَّذی آمَنَ وَرَضِیَ بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ اسْتَشْهَدْتُ اللّهَ وَبَلَّغْتُکُمْ رِسالَتی وَما عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبینُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، «اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».
الإشارة إلى مقاصد المنافقین
مَعاشِرَ النّاسِ، «آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذی أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّها عَلى أدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ کَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ». بِاللّهِ ما عَنى بِهذِهِ الاْآیَةِ إلاّ قَوْما مِنْ أَصْحابی أَعْرِفُهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وَأَنْسابِهِمْ، وَقَدْ أُمِرْتُ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ. فَلْیَعْمَـلْ کُلُّ امْرِئٍ عَلى ما یَجِدُ لِعَلِى¨ٍّ فى¨ قَلْبِهِ مِنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، النُّورُ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْلُوکٌ فِیَّ، ثُمَّ فی عَلِیِّ بْنِ أَبیطالِبٍ، ثُمَّ فِی النَّسْلِ مِنْهُ إلَى الْقائِمِ الْمَهْدِیِّ الَّذی یَأْخُذُ بِحَقِّ اللّهِ وَبِکُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنا، لاِءَنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَنا حُجَّةً عَلَى الْمُقَصِّرینَ وَالْمُعانِدینَ وَالْمُخالِفینَ وَالْخائِنینَ وَالاْآثِمینَ وَالظّالِمینَ وَالْغاصِبینَ مِنْ جَمیعِ الْعالَمینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أُنْذِرُکُمْ أَنّی رَسُولُ اللّهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِیَ الرُّسُلُ، أَفَإنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِکُمْ ؟ وَمَنْ یَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللّهَ شَیْئا وَسَیَجْزِی اللّهُ الشّاکِرینَ الصّابِرینَ. أَلا وَإنَّ عَلِیّا هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصَّبْرِ وَالشُّکْرِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَمُنُّوا عَلَیَّ بِإسْلامِکُمْ، بَلْ لا تَمُنُّوا عَلَى اللّهِ فَیُحْبِطَ عَمَلَکُمْ وَیَسْخَطَ عَلَیْکُمْ وَیَبْتَلِیَکُمْ بِشُواظٍ مِنْ نارٍ وَنُحاسٍ، إنَّ رَبَّکُمْ لَبِالْمِرْصادِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ سَیَکُونُ مِنْ بَعْدی أَئِمَّةٌ یَدْعُونَ إلَى النّارِ وَیَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ وَأَنَا بَریئانِ مِنْهُمْ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُمْ وَأَنْصارَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ وَأَشْیاعَهُمْ فِی الدَّرْکِ الاْءَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَکَبِّرینَ.
ألا اءنَّهُـمْ أَصْحـابُ الصَّحیفَـةِ، فَلْیَنْظُـرْ أَحَـدُکُمْ فـى¨ صَحیفَتِـهِ!!
قال: فذهب على الناس ـ إلاّ شرذمة منهم ـ أمر الصحیفة.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی أَدَعُها إمامَةً وَوِراثَةً فی عَقِبی إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ، وَقَدْ بَلَّغْتُ ما أُمِرْتُ بِتَبْلیغِهِ حُجَّةً عَلى کُلِّ حاضِرٍ وَغائِبٍ، وَعَلى کُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ یَشْهَدْ، وُلِدَ أَوْ لَمْ یُولَدْ، فَلْیُبَلِّغِ الْحاضِرُ الْغائِبَ وَالْوالِدُ الْوَلَدَ إلى یَوْمِ الْقِیامَةِ.
وَسَیَجْعَلُونَ الاْءمامَةَ بَعْدى¨ مُلْکاً وَاغْتِصاباً، ألا لَعَنَ اللّهُ الْغاصِبینَ الْمُغْتَصِبینَ، وَعِنْدَها سَیَفْرُغُ لَکُمْ أَیُّهَا الثَّقَلانِ مَنْ یَفْرُغُ، وَیُرْسَلُ عَلَیْکُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ یَکُنْ لِیَذَرَکُمْ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتّى یَمیزَ الْخَبیثَ مِنَ الطَّیِّبِ، وَما کانَ اللّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَى الْغَیْبِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّهُ ما مِنْ قَرْیَةٍ اءلاّ وَاللّهُ مُهْلِکُها بِتَکْذیبِها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ، وَمُمَلِّکُهَا الاْءمامَ الْمَهْدِى¨َّ وَاللّهُ مُصَدِّقٌ وَعْدَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ ضَلَّ قَبْلَکُمْ أَکْثَرُ الاْءَوَّلینَ، وَاللّهُ لَقَدْ أَهْلَکَ الاْءَوَّلینَ، وَهُوَ مُهْلِکُ الاْآخِرینَ. قالَ اللّهُ تَعالى: «أَلَمْ نُهْلِکِ الاْءَوَّلینَ، ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاْآخِرینَ، کَذلِکَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمینَ، وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبینَ».
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللّهَ قَدْ أَمَرَنی وَنَهانی، وَقَدْ أَمَرْتُ عَلِیّا وَنَهَیْتُهُ بِأَمْرِهِ. فَعِلْمُ الاْءَمْرِ وَالنَّهْیِ لَدَیْهِ، فَاسْمَعُوا لاِءَمْرِهِ تَسْلِمُوا وَأَطیعُوهُ تَهْتَدُوا وَانْتَهُوا لِنَهْیِهِ تَرْشُدُوا، وَصیرُوا إلى مُرادِهِ وَلا تَتَفَرَّقْ بِکُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبیلِهِ.
أولیاء أهل البیت علیهمالسلام وأعداءهم
مَعاشِرَ النّاسِ، أَنَا صِراطُ اللّهِ الْمُسْتَقیمُ الَّذی أَمَرَکُمْ بِاتِّباعِهِ، ثُمَّ عَلِیٌّ مِنْ بَعْدی، ثُمَّ وُلْدی مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَّةُ الْهُدى، یَهْدُونَ إلَى الْحَقِّ وَبِهِ یَعْدِلُونَ.
«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، الْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعالَمینَ، الرَّحْمنِ الرَّحیمِ، مالِکِ یَوْمِ الدّینِ، إیّاکَ نَعْبُدُ وَإیّاکَ نَسْتَعینُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقیمَ، صِراطَ الَّذینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبُ عَلَیْهِمْ وَلاَ الضّالّینَ»، فِیَّ نَزَلَتْ وَفیهِمْ وَاللّهِ نَزَلَتْ، وَلَهُمْ عَمَّتْ، وَإیّاهُمْ خَصَّتْ، أُولئِکَ أَوْلِیاءُ اللّهِ الَّذینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ. أَلا إنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ الْغاوُونَ إخْوانُ الشَّیاطینِ، یُوحی بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا.
أَلا إنَّ أوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ ذَکَرَهُمُ اللّهُ فی کِتابِهِ، فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: «لا تَجِدُ قَوْما یُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْیَومِ الاْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ کانُوا آبائَهُمْ أَوْ أَبْنائَهُمْ أَوْ إخْوانَهُمْ أَوْ عَشیرَتَهُمْ، أُولئِکَ کَتَبَ فی قُلُوبِهِمُ الاْیمانَ وَأَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَیُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْری مِنْ تَحْتِهَا الاْءَنْهارُ خالِدینَ فیها رَضِیَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِکَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقالَ: «الَّذینَ آمَنُوا وَلَمْ یَلْبَسُوا ایمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولـئِکَ لَهُمُ الاْءَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ آمَنُوا وَلَمْ یَرْتابُوا.
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلامٍ آمِنینَ، تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِکَةُ بِالتَّسْلیمِ یَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَیْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدینَ.
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمْ، لَهُمُ الْجَنَّةُ یُرْزَقُونَ فیها بِغَیْرِ حِسابٍ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ یَصْلَوْنَ سَعیرا.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ یَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهیقا وَهِیَ تَفُورُ وَیَرَوْنَ لَها زَفیرا.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ قالَ اللّهُ فیهِمْ: «کُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتّى إذَا ادّارَکُوا فیها جَمیعا قالَتْ أُخْریهُمْ لاِءوُلیهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذابا ضِعْفا مِنَ النّارِ قالَ لِکُلٍّ ضِعْفٌ وَلکِنْ لاتَعْلَمُونَ».
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذینَ قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «کُلَّما أُلْقِیَ فیها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ یَأْتِکُمْ نَذیرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذیرٌ فَکَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللّهُ مِنْ شَیءٍ، إنْ أَنْتُمْ إلاّ فی ضَلالٍ کَبیرٍ، وَقالوُا لَوْ کُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما کُنّا فی أَصْحابِ السَّعیرِ فَاعْتَرَفوُا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقا لاِءَصْحابِ السَّعیرِ».
أَلا إنَّ أَوْلِیاءَهُمُ الَّذینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَیْبِ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ کَبیرٌ.
مَعاشِرَ النّاسِ، شَتّانَ ما بَیْنَ السَّعیرِ وَالاْءَجْرِ الْکَبیرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، عَدُوُّنا مَنْ ذَمَّهُ اللّهُ وَلَعَنَهُ، وَوَلِیُّنا کُلُّ مَنْ مَدَحَهُ اللّهُ وَأَحَبَّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی أنَا النَّذیرُ وَعَلِیٌّ الْبَشیرُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی مُنْذِرٌ وَعَلِیٌّ هادٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی نَبِیٌّ وَعلِیٌّ وَصِیّی.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّی رَسُولٌ وَعَلِیٌّ الاْءمامُ وَالْوَصِیُّ مِنْ بَعْدی، وَالاْءَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ. أَلا وَإنّی والِدُهُمْ وَهُمْ یَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِهِ.
الإمام المهدی عجَّل اللّه تعالى فرجه الشریف
أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِیَّ. أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ
عَلَى الدّینِ. أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمینَ. أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها. أَلا إنَّهُ غالِبُ کُلِّ قَبیلَةٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْکِ وَهادیها.
أَلا إنَّهُ الْمُدْرِکُ بِکُلِّ ثارٍ لاِءَوْلِیاءِ اللّهِ. أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدینِ اللّهِ. أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْرٍ عَمیقٍ. أَلا إنَّهُ یَسِمُ کُلَّ ذی فَضْلٍ بِفَضْلِهِ وَکُلَّ ذی جَهْلٍ بِجَهْلِهِ. أَلا إنَّهُ خِیَرَةُ اللّهِ وَمُخْتارُهُ. أَلا إنَّهُ وارِثُ کُلِّ عِلْمٍ وَالْمُحیطُ بِکُلِّ فَهْمٍ.
أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَیِّدُ لاِءَمْرِ آیاتِهِ. أَلا إنَّهُ الرَّشیدُ السَّدیدُ. أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَیْهِ.
أَلا اءنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَیْنَ یَدَیْهِ.
أَلا إنَّهُ الْباقی حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُورَ إلاّ عِنْدَهُ.
أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَیْهِ. أَلا وَإنَّهُ وَلِیُّ اللّهِ فی أَرْضِهِ، وَحَکَمُهُ فی خَلْقِهِ، وَأَمینُهُ فی سِرِّهِ وَعَلانِیَتِهِ.
التمهید لأمر البیعة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّی قَدْ بَیَّنْتُ لَکُمْ وَأَفْهَمْتُکُمْ، وَهذا عَلِیٌّ یُفْهِمُکُمْ بَعْدی. أَلا وَاءنّى¨ عِنْدَ انْقِضاءِ خُطْبَتى¨ أَدْعُوکُمْ اءلى مُصافَقَتى¨ عَلى بَیْعَتِهِ وَالاْءقْرارِ بِهِ، ثُمَّ مُصافَقَتِهِ بَعْدى¨.
أَلا وَاءنّى¨ قَدْ بایَعْتُ اللّهَ وَعَلِى¨ٌّ قَدْ بایَعَنى¨، وَأَنَا آخِذُکُمْ بِالْبَیْعَةِ لَهُ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ. «إنَّ الَّذینَ یُبایِعُونَکَ إنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ، یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدیهِمْ. فَمَنْ نَکَثَ فَإنَّما یَنْکُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتیهِ أَجْرا عَظیما».
الحلال و الحرام، الواجبات و المحرَّمات
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ، «فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَیْرا فَإنَّ اللّهَ شاکِرٌ عَلیمٌ».
مَعاشِـرَ النّاسِ، حِجُّـوا الْبَیْتَ، فَما وَرَدَهُ أَهْـلُ بَیْتٍ إلاَّ اسْتَغْنَـوْا وَأُبْشِـرُوا، وَلا تَخَلَّفُـوا عَنْهُ إلاّ بُتِـرُوا وَافْتَقَرُوا.
مَعاشِرَ النّاسِ، ما وَقَفَ بِالْمَوْقِفِ مُؤْمِنٌ إلاّ غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ إلى وَقْتِهِ ذلِکَ، فَإذَا انْقَضَتْ حَجَّتُهُ اسْتَأْنَفَ عَمَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْحُجّاجُ مُعانُونَ وَنَفَقاتُهُمْ مُخَلَّفَةٌ عَلَیْهِمْ وَاللّهُ لا یُضیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنینَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حِجُّوا الْبَیْتَ بِکَمالِ الدّینِ وَالتَّفَقُّهِ، وَلاتَنْصَرِفُوا عَنِ الْمَشاهِدِ إلاّ بِتَوْبَةٍ وَإقْلاعٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ کَما أَمَرَکُمُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَاءنْ طالَ عَلَیْکُمُ الاْءَمَدُ فَقَصَّرْتُمْ أَوْ نَسیتُمْ فَعَلِى¨ٌّ وَلِیُّکُمْ وَمُبَیِّنٌ لَکُمْ ؛ الَّذی نَصَبَهُ اللّهُ عزَّ وَجَلَّ لَکُمْ بَعْدی أَمینَ خَلْقِهِ. إنَّهُ مِنّی وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَمَنْ یَخْلُفُ مِنْ ذُرِّیَّتی یُخْبِرُونَکُمْ بِما تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَیُبَیِّنُونَ لَکُمْ ما لا تَعْلَمُونَ.
أَلا اءنَّ الْحَلالَ وَالْحَرامَ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِیَهُما وَأُعَرِّفَهُما ؛ فَآمُرُ بِالْحَلالِ وَأَنْهى¨ عَنِ الْحَرامِ فی مَقامٍ واحِدٍ، فَأُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الْبَیْعَةَ مِنْکُمْ وَالصَّفْقَةَ لَکُمْ بِقَبُولِ ما جِئْتُ بِهِ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ فى¨ عَلِى¨ٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَالاْءَوْصِیاءِ مِنْ بَعْدِهِ الَّذینَ هُمْ مِنّى¨ وَمِنْهُ اءمامَةً فیهِمْ قائِمَةً، خاتِمُها الْمَهْدِى¨ُّ اءلى یَوْمٍ یَلْقَى اللّهَ الَّذى¨ یُقَدِّرُ وَیَقْضى¨.
مَعاشِرَ النّاسِ، وَکُلُّ حَلالٍ دَلَلْتُکُمْ عَلَیْهِ وَکُلُّ حَرامٍ نَهَیْتُکُمْ عَنْهُ فَاءنّى¨ لَمْأَرْجِعْ عَنْ ذلِکَ وَلَمْ أُبَدِّلْ. أَلا فَاذْکُرُوا ذلِکَ وَاحْفَظُوهُ وَتَواصَوْا بِهِ، وَلا تُبَدِّلُوهُ وَلا تُغَیِّرُوهُ.
أَلا وَإنّی أُجَدِّدُ الْقَوْلَ: أَلا فَأَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَاءْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ.
أَلا وَاءنَّ رَأْسَ الاْءَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ تَنْتَهُوا اءلى قَوْلى¨ وَتُبَلِّغُوهُ مَنْ لَمْ یَحْضُرْ وَتَأْمُرُوهُ بِقَبُولِهِ عَنّى¨ وَتَنْهَوْهُ عَنْ مُخالَفَتِهِ، فَاءنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنّى¨. وَلا أَمْرَ بِمَعْرُوفٍ وَلا نَهْى¨َ عَنْ مُنْکَرٍ اءلاّ مَعَ اءمامٍ مَعْصُومٍ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْقُرْآنُ یُعَرِّفُکُمْ أنَّ الاْءَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ، وَعَرَّفْتُکُمْ أنَّهُمْ مِنّی وَمِنْهُ، حَیْثُ یَقُولُ اللّهُ فی کِتابِهِ: «وَجَعَلَها کَلِمَةً باقِیَةً فی عَقِبِهِ»، وقُلْتُ: «لَنْ تَضِلُّوا ما إنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِما».
مَعاشِرَ النّاسِ، التَّقْوى، التَّقْوى، وَاحْذَرُوا السّاعَةَ کَما قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَیْءٌ عَظیمٌ».
اذْکُرُوا الْمَماتَ وَالْمَعادَ وَالْحِسابَ وَالْمَوازینَ وَالْمُحاسَبَةَ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّ الْعالَمینَ وَالثَّوابَ وَالْعِقابَ. فَمَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أُثیبَ عَلَیْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلَیْسَ لَهُ فِی الْجِنانِ نَصیبٌ.
البیعة بصورة رسمیّة
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّکُمْ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ تُصافِقُونى¨ بِکَفٍّ واحِدٍ فى¨ وَقْتٍ واحِدٍ، وَقَدْ أَمَرَنِى¨َ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ آخُذَ مِنْ أَلْسِنَتِکُمُ الاْءقْرارَ بِما عَقَّدْتُ لِعَلِى¨ٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ، وَلِمَنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الاْءَئِمَّةِ مِنّى¨ وَمِنْهُ، عَلى ما أَعْلَمْتُکُمْ أَنَّ ذُرِّیَّتى¨ مِنْ صُلْبِهِ.
فَقُولُوا بِأَجْمَعِکُمْ: «إنّا سامِعُونَ مُطیعُونَ راضُونَ مُنْقادُونَ لِما بَلَّغْتَ عَنْ رَبِّنا وَرَبِّکَ فی أَمْرِ إمامِنا عَلِیٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَمَنْ وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ مِنَ الاْءَئِمَّةِ. نُبایِعُکَ عَلى ذلِکَ بِقُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَأَیْدینا. عَلى ذلِکَ نَحْیى وَعَلَیْهِ نَمُوتُ وَعَلَیْهِ نُبْعَثُ. وَلا نُغَیِّرُ وَلا نُبَدِّلُ، وَلا نَشُکُّ وَلا نَجْحَدُ وَلا نَرْتابُ، وَلا نَرْجِعُ عَنِ الْعَهْدِ وَلانَنْقُضُ الْمیثاقَ.
وَعَظْتَنا بِوَعْظِ اللّهِ فی عَلِیٍّ أَمیرِالْمُؤْمِنینَ وَالاْءَئِمَّةِ الَّذینَ ذَکَرْتَ مِنْ ذُرِّیَّتِکَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ، الْحَسَنِ وَالْحُسَیْنِ وَمَنْ نَصَبَهُ اللّهُ بَعْدَهُما.
فَالْعَهْدُ وَالْمیثاقُ لَهُمْ مَأْخُوذٌ مِنّا، مِنْ قُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَضَمائِرِنا وَأَیْدینا. مَنْ أَدْرَکَها بِیَدِهِ وَإلاّ فَقَدْ أَقَرَّ بِلِسانِهِ، وَلا نَبْتَغی بِذلِکَ بَدَلاً وَلا یَرَى اللّهُ مِنْ أَنْفُسِنا حِوَلاً. نَحْنُ نُؤَدّی ذلِکَ عَنْکَ الدّانی وَالْقاصی مِنْ أَوْلادِنا وَأَهالینا، وَنُشْهِدُ اللّهَ بِذلِکَ وَکَفى بِاللّهِ شَهیدا وَأَنْتَ عَلَیْنا بِهِ شَهیدٌ».
مَعاشِرَ النّاسِ، ما تَقُولُونَ ؟ فَإنَّ اللّهَ یَعْلَمُ کُلَّ صَوْتٍ وَخافِیَةَ کُلِّ نَفْسٍ، «فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإنَّما یَضِلُّ عَلَیْها»، وَمَنْ بایَعَ فَإنَّما یُبایِعُ اللّهَ، «یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدیهِمْ».
مَعاشِرَ النّاسِ، فَبایِعُوا اللّهَ وَبایِعُونى¨ وَبایِعُوا عَلِیّا أمیرَالْمُؤْمِنینَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَیْنَ وَالاْءَئِمَّةَ مِنْهُمْ فِى¨ الدُّنْیا وَالاْآخِرَةِ کَلِمَةً باقِیَةً ؛ یُهْلِکُ اللّهُ مَنْ غَدَرَ وَیَرْحَمُ مَنْ وَفى. «فَمَنْ نَکَثَ فَإنَّما یَنْکُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتیهِ أَجْرا عَظیما».
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا الَّذی قُلْتُ لَکُمْ وَسَلِّمُوا عَلى عَلِیٍّ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنینَ، وَقُولُوا: «سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَکَ رَبَّنا وَإلَیْکَ الْمَصیرُ»، وَقُولُوا: «الْحَمْدُ للّهِِ الَّذی هَدانا لِهذا وَما کُنّا لِنَهْتَدِیَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ».
مَعاشِرَ النّاسِ، اءنَّ فَضائِلَ عَلِى¨ِّ بْنِ أَبى¨طالِبٍ عِنْدَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَقَدْ أَنْزَلَها فِى¨ الْقُرْآنِ ـ أَکْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِیَها فى¨ مَقامٍ واحِدٍ، فَمَنْ أَنْبَأَکُمْ بِها وَعَرَفَها فَصَدِّقُوهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، مَنْ یُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَعَلِیّا وَالاْءَئِمَّةَ الَّذینَ ذَکَرْتُهُمْ فَقَدْ فازَ فَوْزا عَظیما.
مَعاشِرَ النّاسِ، السّابِقُونَ إلى مُبایَعَتِهِ وَمُوالاتِهِ وَالتَّسْلیمِ عَلَیْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنینَ أُولئِکَ هُمُ الْفائِزُونَ فی جَنّاتِ النَّعیمِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا ما یَرْضَى اللّهُ بِهِ عَنْکُمْ مِنَ الْقَوْلِ، فَإنْ تَکْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِی الاْءَرْضِ جَمیعا فَلَنْ یَضُرَّ اللّهَ شَیْئا.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنینَ بِما أَدَّیْتُ وَأَمَرْتُ وَاغْضِبْ عَلَى الْجاحِدینَ الْکافِرینَ، وَالْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعالَمینَ.
متن فارسی غدیر خم
برگرفته از کتاب «خطابه غدیر» نوشته محمد باقر انصاری